بلال من مولدي السراة، وكانت أمه حمامة سبية، تلقب بسكينة، وأسلم قديما في أول ما دعى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقال: إنه كان الثالث في الإسلام، وكان لأمية ابن خلف، وكان أمية بن خلف يخرجه إلى رمضاء مكة إذا حميت، فيلقيه على ظهره، ثم يأمر بالصخرة العظيمة، فتوضع على صدره، ويقول:
والله لا تزال هكذا حتى تفارق دين محمد، فيقول: أحد أحد، ويضع أمية بن خلف في عنقه حبلا، ويأمر الصبيان فيجرونه، فمر به أبو بكر رضي الله تبارك وتعالى عنه، وهو يعذبه، فقال له: يا أمية! أما تتقي الله في هذا المسكين؟ فقال: أنت أفسدته، فأنقذه.
وكان بلالا تربا لأبي بكر رضي الله تبارك وتعالى عنه، وأحد من دعاه أبو بكر إلى الإسلام، فقال أبو بكر: عندي غلام أسود أجلد منه وأقوى، وهو على دينك، فأعطيك إياه ثمنا لبلال، قال: قد قبلت، فأعطاه ذلك الغلام، وأخذ بلالا فأعتقه.
وقال معمر عن قتادة: إن عمرو بن العاص قال: مررت ببلال وهو يعذب، ولو أنه بضعة لحم وضعت لنضجت، وهو [يقول]: أنا كافر باللات والعزى، وأمية يغاظ عليه، فيزيده عذابا فيقبل عليه، فيدعث حلقه، فيغشى عليه، ثم يفيق.
وذكر الواقدي أن حسان بن ثابت رضي الله تبارك وتعالى عنه قال:
حججت، أو قال: اعتمرت، فرأيت بلالا في حبل طويل، يمده الصبيان، معه عامر بن فهيرة وهو يقول: أحد أحد، أنا كافر باللات، والعزى، وهبل، وإساف، ونائلة، فأضجعه أمية في الرمضاء. وقتل بلال أمية بن خلف يوم بدر، فقال أبو بكر:
هنيئا زادك الرحمن عزا * لقد أدركت ثأرك يا بلال [توفي سنة عشرين، وقيل غير ذلك، وكانت وفاته بدمشق].