وأما الحكمة، وهي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي - رحمه الله ورضي عنه -: قد وضع الله [عز وجل] رسوله صلى الله عليه وسلم من [دينه]، وفرضه، وكتابه، الموضع الذي أبان جل ثناؤه أنه جعله علما لدينه بما افترض من طاعته، وحرم معصيته، وأبان من فضيلته، بما قرن من الإيمان برسوله، مع الإيمان به، فقال: ﴿آمنوا بالله ورسوله﴾ (١)، وقال: ﴿إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله﴾ (٢)، فجعل كمال ابتداء الإيمان الذي ما سواه، تبع له الإيمان بالله، ثم برسوله.
قال الشافعي: أخبرنا ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله عز وجل: ﴿ورفعنا لك ذكرك﴾ (٣) قال: لا أذكر إلا ذكرت، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله. قال: وفرض الله على الناس اتباع وحيه وسنن رسوله، فقال في كتابه: ﴿لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم [يتلو] عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل في ضلال مبين﴾ (٤) مع آي سواها، ذكر فيهن الكتاب والحكمة.
قال الشافعي: فذكر الله الكتاب والقرآن، وذكر الحكمة، فسمعت ممن أرضى من أهل العلم بالقرآن يقول: الحكمة: سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال:
﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول﴾ (5)، فقال: بعض أهل العلم [أولو] الأمر: هم أمراء سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: فإن تنازعتم في