فصل في ذكر خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إذ مكر به المشركون، وهجرته إلى المدينة دار هجرته ونزوله على الأنصار رضي الله تبارك وتعالى عنهم وتلاحق المهاجرين به [صلى الله عليه وسلم] قال ابن قتيبة: الهجرة، من هجرت الرجل هجرانا وهجرا، إذا قطعته، وكان الرجل إذا أسلم هجر قومه، فيفر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمي مسيره إليه هجرة. وقيل: هاجر، خرج من أرض، والمدينة [فعيلة تجمع (١) على مدائن بالهمز] ولذلك همزت في الجمع لأنه لا أصل للياء في الحركة، وقيل: هي من دان، تدين دينا، إذا أطاع، والدين، الطاعة، والمدينة، موضع الطاعة.
وقال أبو عبيد: دنته، ملكته، وقال ابن كيسان: مدينة، فعلة من مدنت، وتكون مفعله من دان يدين.
وقال موسى بن عقبة، عن ابن شهاب [عن] الزهري: ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الحج، بقية ذي الحجة، والمحرم، وصفر، ثم إن مشركي قريش أجمعوا أن يقتلوه، أو يخرجوه، حين ظنوا أنه خارج، وعلموا أن الله قد جعل له مأوى ومنعة، ولأصحابه، وبلغهم إسلام من أسلم، ورأوا من يخرج إليهم من المهاجرين، فأجمعوا أن يقتلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو يثبتوه، فقال الله عز وجل: ﴿وإذا يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين﴾ (2).
وبلغه صلى الله عليه وسلم من ذلك اليوم الذي آتي فيه أبا بكر رضي الله تبارك وتعالى عنه، أنهم مبيتوه إذا أمسى على فراشه، فخرج وأبو بكر من جوف