فصل في ذكر من استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيوشه عند عودته صلى الله عليه وسلم إعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام في جهات جيوشه، وعلى عسكره، لما كان يخرج إلى الغزو جماعة من أصحابه، فاستعمل على المشاة لما خرج إلى بدر، قيس بن أبي صعصعة عمرو بن زيد بن عوف بن مبذول بن عمر بن غنم بن مازن بن النجار الأنصاري، أحد من شهد بيعة العقبة على المشاة، وأمره حين فصل من بيوت السقيا، أن يعد المسلمين، فوقف لهم [مع] أبي عتبة، فعدهم، ثم أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعله على الساقة يومئذ وقدم يوم أحد طليعتين، هما مالك والنعمان، ابنا خلف بن عوف [بن] دارم بن عمر بن وائلة بن سهم بن مازن بن الحارث بن سلامان بن أسلم بن أفصى بن حارثة ابن عمرو مزيقياء، ودفنا في قبر واحد.
قال الكلبي: وجعل في غزاة أحد على الرماة - وهو خمسون رجلا - عبد الله بن جبير بن النعمان بن أمية بن امرئ القيس، واسمه البرك بن ثعلبة ابن عمرو بن عوف الأنصاري أحد من شهد العقبة، وهو أخو خوات بن جبير، وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرماة فقال: احموا لنا ظهورنا، فإنا نخاف أن نؤتى من ورائنا، والزموا مكانكم، لا تبرحوا منه، وإن رأيتمونا نهزمهم، حتى تدخل عسكرهم، فلا تفارقوا مكانكم وإن رأيتمونا نقتل فلا تعينونا [ولا تدفعوا عنا]، اللهم إني أشهدك عليهم، وارشقوا خيلهم بالنبل، فإن الخيل لا تقوم على النبل.
فلما التحمت الحرب، وكانت الدولة لرسول الله صلى الله عليه وسلم على المشركين، قال بعض الرماة لبعض [لما تقيمون] ههنا في غير شئ، قد هزم الله العدو، وهؤلاء إخوانكم ينتهبون عسكرهم، فادخلوا عسكر المشركين، فاغنموا مع [إخوانكم] فقال بعض الرماة لبعض ألم تعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لكم:
احموا ظهورنا، ولا تبرحوا مكانكم، وإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا، وإن غنمنا فلا تشركونا، احموا ظهورنا؟