وأما حديثه صلى الله عليه وسلم عن أبي كبشة فذكر الكلبي في كتاب (الرقائق): حدثني أبي عن أبي صالح، عن ابن عباس - رضي الله تبارك وتعالى عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
حدثني أبو كبشة: أنهم لما أرادوا دفن [بلال] بن حبشية - وكان سيدا معظما - حفروا له، فوقعوا له على باب مغلق، ففتحوه، فإذا سرير عليه رجل، وعليه ملك عدة، وعند رأسه كتاب: أنا أبو سمر، ذو النون، مأوى المساكين، ومستفاد الغارمين، أخذني الموت غصبا، وقد أعيا الجابرة قبلي.
قال صلى الله عليه وسلم: كان ذو النون هذا، هو سيف [ذي النون] الحميري، وأبو كبشة هذا، يقال: أنه الحوت، زوج حليمة السعدية، ظئر رسول الله صلى الله عليه وسلم (1).
فصل في ذكر من حدث وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه رضي الله تعالى عنهم بمكة والمدينة وغيرهما من البلدان التي غزا إليها وحلها بعرفة ومنى غير ذلك إعلم أنه آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم من الجن والإنس خلائق حدثوا عنه، ورووا ما وعوه، وسمعوه، فسمع منه الجن القرآن وهو يقرأ بأصحابه بعكاظ وجاؤوه فسألوه عن أشياء، ومكث معهم أيضا في ليلة شهدها عبد الله بن مسعود، فأسلم منهم طائفة من جن نصيبين.
إسلام الجن، وإنذارهم قومهم فقد ثبت بكتاب الله تعالى، وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى:
(وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضى ولوا إلى قومهم منذرين * قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم * يا قومنا