ذكر هجرة الذين هاجروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة قال ابن عبد البر: وأكثر الرواة عن سماك يقولون: أنهم الذين هاجروا من مكة إلى المدينة، والمعنى واحد، لأنهم هاجروا بأمره، وإن لم يكونوا هاجروا معه في سفر واحد، وإنما أشار عليهم ابن عباس بالذكر، لأنهم الذين قاتلوا من خالفهم على الدين حتى وصلوا إليه، ولذلك قال أبو هريرة، ومجاهد والحسن، وعكرمة، خير الناس الذين يقاتلونهم حتى يدخلوهم في الدين طوعا وكرها، وإذا كان ذلك كذلك، فمعلوم أن المهاجرين الأولين والأنصار في ذلك سواء.
وذكر محمد بن إسحاق السراج في (تاريخه) قال: حدثنا أبو كريب، حدثنا محمد بن عبيد، وأبو أسامة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر الشعبي قال: المهاجرون الأولون، هم الذين بايعوا بيعة الرضوان.
قال: وحدثنا سفيان بن وكيع، حدثنا أبي، عن أبي هلال عن قتادة قال: قلت لسعيد بن المسيب لم سموا المهاجرين الأولين؟ قال: من صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم القبلتين جميعا، فهو من المهاجرين الأولين (١).
قال [أبو] عمر: قول الشعبي وسعيد بن المسيب يعطي أن معنى قولهم: المهاجرين الأولين كمعنى قول الله تعالى: ﴿والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار﴾ (٢) لأنهم صلوا القبلتين جميعا، وبايعوا بيعة الرضوان.
وخرج قاسم بن أصبغ، من حديث أبي حازم: عن أبي هريرة رضي الله تبارك وتعالى عنه (كنتم خير أمة أخرجت للناس) قال: خير الناس الذين يجيئون بهم في السلاسل يدخلون في الإسلام.
وعن مجاهد أنه قال: كانوا خير الناس على الشرط الذي ذكره الله تعالى: ﴿تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله﴾ (3).
وجاء عن عمر بن الخطاب رضي الله تبارك وتعالى عنه أنه قال:
من سره أن يكون من تلك الأمم، فليؤد شرط الله فيها.