وأما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قس بن ساعدة [يقال: عاش قس بن ساعدة ستمائة سنة، وهو أول من أخبر بالبعث من أهل الجاهلية في غير علم، وأول من خطب بعصا، وقد ثبت قوم قسا وهم الأكثر، ونفاه آخرون، وقالوا: لم يخلق قس وقد ذكره الشعراء] ففي سنده نظر.
وقد خرجه البيهقي من حديث أبو عبيد الله سعيد بن عبد الرحمن [بن] حسان القرشي المخزومي، وقد وثقه النسائي، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن أبي حمزه الثمالي، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس، رضي الله تبارك وتعالى [عنهما] قال: قدم وفد أياد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألهم عن قس بن ساعدة الأيادي، فقالوا: هلك يا رسول الله، فقال: لقد شهدته في الموسم بعكاظ، وهو على جمل له أحمر - أو على ناقة حمراء - وهو ينادي في الناس: اجتمعوا، واسمعوا، وعوا، واتعظوا، تنتفعوا، من عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هو آت آت.
أما بعد، فإن [في] السماء لخبرا، وإن في الأرض لعبرا، نجوم تمور، وبحار تفور ولا تخور، وسقف مرفوع، ومهاد موضوع، ونهار منبوع.
أقسم قس قسما بالله، لا كذبا [ولا إثما] ليتبعن هذا الأمر سخطا، ولئن كان بعضه رضا، إن بعضه سخطا، وما هذا باللعب، وإن من وراء هذا للعجب.
أقسم قس قسما بالله، لا كذبا ولا إثما، إن لله دينا، هو أرضى له من دين نحن عليه، ما بال الناس يذهبون ولا يرجعون؟ أرضوا فأقاموا؟ أم تركوا فناموا؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثم أنشد قس بن ساعدة أبيات من الشعر لم أحفظها عنه فقام أبو بكر الصديق رضي الله تبارك وتعالى عنه فقال: أنا حضرت ذلك المقام، وحفظت تلك المقالة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هي؟
فقال أبو بكر: قال قس بن ساعدة في آخر كلامه:
في الذاهبين الأول * ين من القرون لنا بصائر لما رأيت مواردا * للموت ليس لها مصادر