قال الواقدي عن ابن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين، عن أبي غطفان، عن ابن عباس رضي الله تبارك وتعالى [عنهما] أنه قال له: هل كان المشركون يبلغون من المسلمين من العذاب ما يعذرون به من ترك دينهم؟
قال: نعم، إن كانوا ليضربون أحدهم، ويجيعونه ويعطشونه، ويضربونه حتى ما يقدر أن يقعد، فيعطهم ما سألوه من الفتنة، ويقولون له: اللات والعزى إلهك من دون الله؟ فيقول: نعم، حتى إن الجعل ليمر، فيقولون:
إن هذا الجعل إلا إلهك من دون الله؟ فيقول: نعم، افتداء منهم بما يبذلون من جهده، فإذا أفاق رجع إلى التوحيد.
وقال الكلبي: عذب قوم لا عشائر لهم ولا مانع منهم، فبعضهم ارتد، وبعضهم أقام على الإسلام، وبعضهم أعطى ما أريد منهم من غير اعتقاد منه للكفر، وكان قوم من الأشراف قد أسلموا، ثم فتنوا، منهم سلمة بن هشام بن المغيرة، والوليد بن الوليد بن المغيرة، وعياش بن أبي ربيعة، وهشام بن العاص السهمي.
قالوا: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في المسجد، جلس إليه المستضعفون من أصحابه: عمار، وخباب، وصهيب، وبلال، وأبو فكيهة، وعامر بن فهيرة، وأشباههم من المسلمين، فيقول بعض قريش لبعض [ما هو] ولا جلساؤه كما ترون قد من الله عليهم من بيننا، فأنزل الله [عز وجل]: ﴿أليس الله بأعلم بالشاكرين﴾ (١) ونزل فيهم: ﴿ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شئ وما من حسابك عليهم من شئ فتطردهم فتكون من الظالمين﴾ (٢) ونزل فيهم:
﴿والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوأنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون * الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون﴾ (3) ونزل