فإن موعدكم الجنة، فمات ياسر في العذاب، وأغلظت سمية لأبي جهل، فطعنها في قبلها فماتت، وزمن عبد الله فسقط.
وخباب بن الأرت (1) بن جندلة بن سعد بن خزيمة من بني سعد بن زيد مناة بن تميم [حليف بني زهرة، ويقال: إنه من البحرين فأنبط، وأنه أسود ويقال هو خباب بن الأرت بن حدار بن سعد بن خزيمة بن كعب بن سعد]، وقع عليه رسا فصار إلى أم أنمار فأعتقته، وكان به رنة إذا تكلم فسمي الأرت، وكان قينا بمكة، فأسلم سادس ستة من بني مظعون، وأبي سلمة، وجماعة قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، فعذب في الله، وجعلوا يلصقون ظهره بالأرض على الرضف، حتى ذهب ماء متنه.
وقال مجاهد عن الشعبي، دخل خباب بن الأرت على عمر بن الخطاب رضي الله تبارك وتعالى عنه، فأجلسه على متكأة، وقال: [ما على الأرض] أحد أحق بهذا المجلس منك، إلا رجل واحد، فقال: ومن هو يا أمير المؤمنين؟ قال بلال، قال: ما هو بحق مني، إلا بلالا كان له من المشركين من يمنعه الله به، ولم يكن لي أحد، لقد رأيتني يوما وقد أوقدوا لي نارا، ثم سلقوني فيها، ثم وضع رجل رجله على صدري، فما اتقيت الأرض إلا بظهري، ثم كشف خباب عن ظهره، فإذا هو قد برص.
وقال هشام بن الكلبي، عن أبي صالح: كان خبابا قينا، وكان قد أسلم، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يألفه ويأتيه، فأخبرت بذلك مولاته، فكانت تأخذ الحديدة قد أحمتها، فتضعها على رأسه، فشكى ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
اللهم انصر خبابا، فشتت مولاته - وهي أم أنمار - فكانت تعوي مع الكلاب، فقيل لها: اكتوى، فكان خباب يأخذ الحديدة وقد أحماها، فيكوي بها رأسها.