فصل في ذكر من استخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة في غيبته عنها في غزو، أو حج، أو عمرة إعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا خمسا وعشرين غزاة، وخرج للعمرة مرتين، وحج مرة واحدة بعد الهجرة، واستخلف على المدينة في ذلك اثنى عشر رجلا. وكان عند قدومه المدينة، قد وادع يهودها، وكتب بينه وبينهم كتابا، واشترط عليهم ألا يمالئوا عليه عدوه، وأن ينصروه على من دهمه، وأن لا يقاتل عنهم كما يقاتل عن أهل الذمة.
فلم يحارب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا ولم يهجه، ولم يبعث سرية، حتى أنزل الله تعالى: (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير * الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله * ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز * الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور).
فكان أول لقاء عقده لواء حمزة بن عبد المطلب رضي الله تبارك وتعالى عنه. قال سفيان عن الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله تبارك وتعالى عنهما قال: أول آية أنزلت في القتال (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير) وقال عبد الله بن المبارك، عن يونس، عن يزيد الأيلي، عن الزهري، عن عروة أن أول آية أنزلت في الجهاد: (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير * الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله * ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع صلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز).