فصل في ذكر مواساة الأنصار المهاجرين بأموالهم لما قدموا عليهم المدينة قال تعالى: ﴿والذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم، يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون﴾ (1) قال أبو عبد الله القرطبي: لا خلاف أن الذين تبوؤا الدار هم الأنصار الذين استوطنوا المدينة قبل المهاجرين. قال: والتبوأ، التمكن والاستقرار، ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا، لا يحسدون المهاجرين على ما خصوا به [من] الفئ وغيره.
وخرج البخاري ومسلم، من حديث يونس عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك رضي الله تبارك وتعالى عنه قال: لما قدم المهاجرون من مكة [إلى] المدينة، قدموا وليس بأيديهم شئ، وكان الأنصار أهل الأرض والعقار، فقاسمهم الأنصار على أن أعطوهم أنصاف ثمار أموالهم كل عام، ويكفونهم العمل والمؤنة، وكانت أم أنس [بن مالك وهي تدعى أم سليم، وكانت أم عبد الله بن أبي طلحة، كان أخا لأنس] (2) لأمه، كانت أعطت [أم أنس] (2) رسول الله [صلى الله عليه وسلم عذاقا لها، فأعطاها رسول الله صلى الله عليه وسلم أم أيمن، مولاته، أم أسامة بن زيد، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتال أهل خيبر وانصرف إلى المدينة، رد المهاجرون إلى الأنصار منائحهم التي كانوا منحوهم من ثمارهم، قال: فرد الله صلى الله عليه وسلم إلى أمي عذاقها، وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم أم أيمن مكانهم من حائطه. وفي رواية: من خالصه (3) زاد مسلم: قال ابن شهاب: وكان من