إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٩ - الصفحة ١١٣
يخلي عنها، ثم يثب على زنيرة، فيفعل بها مثل ذلك، [قال: وكان أبو جهل يقول:] لا تعجبون لهؤلاء واتباعهم محمدا، فلو كان أمر محمد خيرا وحقا، ما سبقونا إليه، أفتسبقنا زنيرة إلى رشد وهي كما ترون؟ وكانت زنيرة قد عميت، فقال لها أبو جهل: إن اللات والعزى، فعلتا بك ما ترين، فقالت هي، ولا تبصره: وما يدري اللات والعزى من يعبدهما ممن لا يعبدهما، ولكن هذا أمر من السماء، وربي قادر على أن يرد علي بصري، فأصبحت من تلك الليلة، وقد رد الله عليها بصرها، فقالت قريش: هذا من سحر محمد، فاشترى أبو بكر رضي الله تبارك وتعالى عنه جارية بني المؤمل، وزنيرة وأعتقهما، ويقال: أن زنيرة لبني مخزوم، وكان أبو جهل يعذبها.
وكانت النهدية مولدة لبني نهد بن زيد فصارت لامرأة من بني عبد الدار وأسلمت، فكانت تعذبها وتقول: والله لا أقلعت عنك أو يعتقك بعض صباتك، فأتاها أبو بكر رضي الله تبارك وتعالى عنه فأعتقها، وكان معها طحين، ويقال: نوى لمولاتها يوم أعتقها، فردته عليها.
وكانت أم عبيس (1) بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، أمة لبني زهرة، وكان الأسود بن عبد يغوث يعذبها، فابتاعها أبو بكر رضي الله تبارك وتعالى عنه فأعتقها.

(1) أم عبيس: هي أحد من كان يعذبه المشركون ممن سبق إلى الإسلام، قال أبو بشر الدولابي عن الشعبي: أسلمت وهي زوج كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، ولدت له عبيسا فكنيت به.
وروى يونس بن بكير في (زيادات المغازي) لابن إسحاق، عن هشام بن عروة، عن أبيه - أن أبا بكر الصديق رضي الله تبارك وتعالى عنه، أعتق ممن يعذب في الله سبعة، وهم:
بلال، وعامر بن فهيرة، وزنيرة، وجارية ابنة المؤمل، والنهدية، وابنتها، وأم عبيس.
وأخرج محمد بن عثمان بن أبي شيبة في تاريخه، عن منجاب بن الحارث، عن إبراهيم ابن يوسف بن زياد البكائي، عن ابن إسحاق، عن حميد، عن أنس: قال: قالت أم هانئ بنت أبي طالب: أعتق أبو بكر بلالا، وأعتق معه ستة، منهم أم عبيس.
وأخرجه أبو نعيم، وأبو موسى، من طريقه. وقال الزبير بن بكار: كانت فتاة لبني تيم ابن مرة، فأسلمت أول الإسلام، وكانت ممن استضعفه المشركون يعذبونها، فاشتراها أبو بكر فأعتقها، وكنيت بابنها عبيس بن كريز.
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»
الفهرست