ما كان فيهم، ولم يقص على خطأ كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم إكراما له وتشريفا، فقال عز من قائل: (إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما وينصرك الله نصرا عزيزا) (1)، وهذا غاية الفضل والشرف، لأنه تشريف النبي صلى الله عليه وسلم من غير أن يكون هناك ذنب، ولكنه تعالى استوعب في هذه الآية جميع أنواع النعم الأخروية والدنيوية التي أنعم الله بها على عباده، فلم تبق نعمة يمكن أن تكون من الله تعالى على عباده إلا وقد جمعها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن جميع النعم الأخروية شيئان: سلبية وهي غفران الذنوب، وثبوتية وهي لا تتناهى، أشار إليها بقوله: (ويتم نعمته عليك) (1)، وجميع النعم الدنيوية شيئان: دينية أشار إليها بقوله: (ويهديك صراطا مستقيما) (1)، ودنيوية، وإن كانت هنا المقصود بها الدين، وهي قوله:
(وينصرك الله نصرا عزيزا) (1)، وقدم الأخروية على الدنيوية، وقدم في الدنيوية الدينية على غيرها تقديما للأهم فالمهم، فانتظم بذلك تعظيم قدر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإتمام نعم الله تعالى عليه، المتفرقة في غيره، ولهذا قال: جعل ذلك غاية الفتح المبين الذي عظمه وفخمه بإسناده إليه بنون العظمة، وجعله خاصا برسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:
(لك).
وقد أشار ابن عطية إلى هذا فقال: وإنما المعنى: التشريف بهذا الحكم، ولو لم له ذنب البتة. انتهى.
وقد ذكر الناس أقوالا أخر، منها: ما يجب تأويله، ومنها ما يجب رده، فمن ذلك ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه: (ليغفر لك الله) أي ما يكون، وهذا يمكن تأويله على ما قدمناه، أي مما يكون لو كان، والمعنى أنك يا سيد المرسلين بحالة لو كان لك ذنوب ماضية ومستقبلة لغفرنا جميعها لك لشرفك عندنا.
ومنها قول مقاتل: (ليغفر لك) ما كان في الجاهلية، وهذا مردود، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس له جاهلية، ومن قال: ليغفر لك ما كان قبل النبوة فهو مردود