أيضا، لأنه صلى الله عليه وسلم معصوم قبل النبوة وبعدها.
ومنها قول سفيان الثوري: ليغفر لك ما كان في الجاهلية ما علمت وما لم تعلم، وهو مردود بمثل الذي قبله، ومنها قول عطاء الخرساني: ليغفر لك ما تقدم من ذنب أبويك آدم وحواء ببركتك، وما تأخر من ذنوب أمتك بدعوتك على حذف مضاف.
ومنها ما حكى عن مجاهد: (ليغفر لك ما تقدم) من حديث مارية وما تأخر من امرأة زيد، وهذا قول باطل، فإنه لم يكن في قصة مارية وامرأة زيد ذنب أصلا، وقد أوردنا ما جاء في قصتيهما عند ذكر أزواجه وسراريه صلى الله عليه وسلم، وليس فيهما ما يعد زلة ولا ذنبا، ومن اعتقد ذلك فقد أخطأ.
ومنها قول الزمخشري: جميع ما فرط منك، وهذا مردود بشيئين: أحدهما:
عصمة الأنبياء، وقد أجمعت الأمة على عصمتهم فيما يتعلق بالتبليغ وفي غير ذلك من الكبائر ومن الصغائر الرذيلة التي تحط مرتبتهم، ومن المداومة على الصغائر، فهذه الأربعة مجمع عليها، واختلفوا في الصغائر التي لا تحط مرتبتهم، فذهبت المعتزلة، وكثير من غيرهم إلى جوازها، والمختار المنع لأنا مأمورون بالاقتداء في كل ما يصدر منهم في قول وفعل، فكيف يقع منهم ما لا ينبغي، ونؤمر بالاقتداء بهم فيه؟
وتجاسر قوم على الأنبياء فنسبوا إليهم تجويزها عليهم مطلقا، وهم محجوجون بما تقدم من الإجماع، ثم إن الذين جوزوا الصغائر لم يجوزوها بنص ولا دليل، وإنما أخذوا ذلك من هذه الآية وأمثالها، وقد ظهر بجواب هذه، وفي كل موضع من الباقيات يذكر جوابه إن شاء الله تعالى.
والذين جوزوا الصغائر التي ليست برذائل، قال ابن عطية: اختلفوا هل وقع ذلك من محمد صلى الله عليه وسلم أو لم يقع؟ قال كاتبه: والحق الذي لا مرية فيه أنه لم يقع، وكيف يستحيل خلاف ذلك وأحواله صلى الله عليه وسلم منقسمة إلى قول وفعل؟ أما قول، فقال تعالى: ﴿وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى﴾ (1)، وأما الفعل،