اتخذتك خليلا فهو في التوراة مكتوب: محمد حبيب الرحمن، وأرسلتك إلى الناس كافة، وجعلت أمتك هم الأولون وهم الآخرون، وجعلت أمتك لا تجوز لهم خطبة حتى يشهدوا أنك عبدي ورسولي، وجعلتك أول النبيين خلقا وآخرهم بعثا، وأعطيتك سبعا من المثاني لم أعطها نبيا قبلك، وجعلتك فاتحا وخاتما، وشرحت صدرك، ورفعت ذكرك، فلا أذكر إلا ذكرت معي، وجعلت أمتك أمة وسطا، وأرسلتك رحمة للعالمين بشيرا ونذيرا، وأنزلت عليك الفرقان فيه تبيان كل شئ، فقال إبراهيم عليه السلام للأنبياء: بهذا فضلكم محمد (صلى الله عليه وسلم).
وقال داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه قال سموأل اليهودي لتبع - وهو يومئذ أضلهم -: أيها الملك، إن هذا بلد يكون إليه مهاجر نبي مولده مكة، واسمه أحمد، وهذه دار هجرته.
وقال عكرمة عن ابن عباس، قال: كانت يهود قريظة والنضير وفدك وخيبر، يجدون صفة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عندهم قبل أن يبعث، وأن دار هجرته المدينة، فلما ولد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قالت أحبار يهود: ولد أحمد الليلة، هذا الكوكب قد طلع، فلما تنبأ قالوا: قد تنبأ أحمد، كانوا يعرفون ذلك ويقرون به ويصفونه.
وقال عاصم بن عمرو بن قتادة عن نملة بن أبي نملة عن أبيه أبي نملة قال:
كانت يهود بني قريظة يدرسون ذكر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في كتبهم، ويعلمون الولدان بصفته واسمه ومهاجره إلى المدينة، فلما ظهر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حسدوا، وبغوا، وأنكروا.
وقال عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال: سمعت أبي مالك بن سنان يقول: جئت بني عبد الأشهل يوما لأتحدث فيهم - ونحن يومئذ في هدنة من الحرب - فسمعت يوشع اليهودي يقول: أظل خروج نبي يقال له أحمد يخرج من الحرم، فقال له خليفة بن ثعلبة الأشهلي - كالمستهزئ به -: ما صفته؟ قال:
رجل ليس بالطويل ولا بالقصير، في عينيه حمرة، يلبس الشملة ويركب الحمار، سيفه على عاتقه، وهذا البلد مهاجره، قال: فرجعت إلى قومي بني خدرة. وأنا يومئذ أتعجب مما يقول يوشع، فأسمع رجلا منا يقول: ويوشع يقول هذا وحده؟