وفي رواية: ولا صخاب في الأسواق، ولو يمر إلى جنب السراج لم يطفئه من سكينته، ولو يمشي على القصب اليابس لم يسمع من تحت قدميه، أبعثه مبشرا ونذيرا، وأستنقذ به قياما من الناس عظماء من الهلكة، أجعل في أهل بيته وذريته السابقين والصديقين، والشهداء والصالحين، وأمته من بعده يهدون بالحق وبه يعدلون، أعز من نصرهم، وأؤيد من دعا إليهم، أجعل دائرة السوء على من خالفهم وبغى عليهم، وأراد أن ينزع شيئا مما في أيديهم، أجعلهم ورثة لنبيهم، والداعية إلى ربهم، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويوفون بعهدهم، أختم بهم الخير الذي بدأت به أولهم، ذلك فضلي أوتيه من أشاء وأنا ذو الفضل العظيم.
وقال عوف عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بلغني أن بني إسرائيل لما أصابهم ما أصابهم من ظهور بخت نصر عليهم، وفرقتهم وذلتهم تفرقوا، وكانوا يجدون محمدا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في كتابهم، وأنه يظهر في بعض هذه القرى العربية، في قرية ذات نخل، ولما خرجوا من أرض الشام جعلوا يميزون كل قرية من تلك القرى العربية بين الشام واليمن، يجدون نعتها نعت يثرب، فينزل بها طائفة منهم ويرجون أن يلقوا محمدا فيتبعونه، حتى نزل من بني هارون من حمل التوراة بيثرب منهم طائفة، فمات أولئك الآباء وهم يؤمنون بمحمد (صلى الله عليه وسلم) أنه [آت] (1)، ويحثون أبناءهم على اتباعه إذا جاء، فأدركه من أدركه من أبنائهم وكفروا به وهم يعرفونه.
وقال محمد بن إسحاق: حدثنا صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن محمود بن لبيد (2) عن سلمة بن سلامة (3) قال: كان لنا جار من يهود في بني عبد الأشهل، فخرج علينا يوما من بيته [- وذلك قبل مبعث النبي (صلى الله عليه وسلم)