إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٣ - الصفحة ٢٣٣
وفي رواية بديل بن المحبر قال: حدثنا عبد السلام بن عجلان قال: سمعت أبا يزيد المدني يحدث عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أنا أول من يدخل الجنة ولا فخر، وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر، وأنا بيدي لواء الحمد يوم القيامة ولا فخر، وأنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وأول شخص يدخل على الجنة: فاطمة بنت محمد، ومثلها في هذه الأمة مثل مريم في بني إسرائيل (1).
ورواه يعقوب الخضرمي عن عبد السلام عن أبي عثمان النهدي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أول من يدخل الجنة ولا فخر، وأول من تنشق الأرض عن هامته ولا فخر، وأنا أول مشفع ولا فخر، لواء الحمد بيدي يوم القيامة، حرم الله الجنة على كل آدمي يدخلها قبلي (2).
وله من حديث زكريا بن زائدة عن عامر الشعبي عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني أول من يرفع [رأسه] (3) بعد النفخة الأخيرة، فإذا موسى متعلق بالعرش فلا أدري أكذاك كان أو بعد النفخة (4)؟.
ومن حديث شعيب عن الزهري قال: حدثني أبو سلمة وسعيد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الناس يصعقون فأكون أول من يفيق.

(١) (دلائل أبي نعيم): ١ / ٦٦، حديث رقم (٢٧). وأخرجه الترمذي بسند آخر وقال: حديث غريب. وتوقف غيره في الاحتجاج به ثم قال: عن بديل بن المحبر، عن عبد السلام بن عجلان، عن أبي يزيد المدني، عن أبي هريرة..، فذكره، ثم قال: أخرجه أبو صالح المؤذن في مناقب فاطمة عليها السلام.
(٢) وفي (صحيح مسلم بشرح النووي): ٣ / ٧٣ - ٧٤، كتاب الإيمان، باب (٨٥) في قول النبي صلى الله عليه وسلم: " أنا أول الناس يشفع في الجنة، وأنا أكثر الأنبياء تبعا "، حديث رقم (٣٣٣)، حدثني عمرو الناقد، وزهير بن حرب قالا: حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح، فيقول الخازن:
من أنت؟ فأقول: محمد، فيقول: بك أمرت لا أفتح لأحد قبلك.
وأخرجه البيهقي في (الدلائل) من حديث أنس بمثله سواء. (دلائل النبوة للبيهقي): ٥ / ٤٨٠.
(٣) زيادة للسياق.
(٤) أخرجه البخاري في كتاب الرقاق، باب (٤٣) النفخ في الصور، قال مجاهد: الصور كهيئة البوق، زجرة: صيحة، وقال ابن عباس: الناقور، الراجفة: النفخة الأولى، والرادفة: النفخة الثانية، حديث رقم (٦٥١٧): حدثني عبد العزيز بن عبد الله قال: حدثني إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، وعبد الرحمن الأعرج أنهما حدثاه أن أبا هريرة قال:
" استب رجلان، رجل من المسلمين ورجل من اليهود، فقال المسلم: والذي اصطفى محمد على العالمين، فقال اليهودي: والذي اصطفى موسى على العالمين. قال: فغضب المسلم عند ذلك، فلطم وجه اليهودي، فذهب اليهودي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره بما كان من أمره وأمر المسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تخبروني على موسى، فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق، فإذا موسى باطش بجانب العرش، فلا أدري أكان موسى فيمن صعق فأفاق قبلي، أو كان ممن استثنى الله عز وجل.
وحديث رقم (٦٥١٨): حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، حدثنا أبو الزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يصعق الناس حين يصعقون، فأكون أول من قام، فإذا موسى آخذ بالعرش، فما أدري أكان فيمن صعق ". رواه أبو سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: " باب نفخ الصور " تكرر ذكره في القرآن الكريم، في الأنعام، والمؤمنين، والنمل، والزمر، وق، وغيرها، وهو بضم المهملة وسكون الواو، وثبت كذلك في القراءات المشهورة والأحاديث، وذكر عن الحسن البصري أنه قرأها بفتح الواو، جمع صورة، وتأوله على أن المراد النفخ في الأجساد لتعاد إليها الأرواح.
وقال أبو عبيدة في (المجاز): يقال: الصور - يعني بسكون الواو - جمع الصورة، كما يقال: سور المدينة جمع سورة، قال الشاعر:
[فلما أتى خبر الزبير تواضعت سور المدينة] فيستوي معنى القراءتين.
وحكى مثله الطبري عن قوم وزاد: كالصوف جمع صوفة، قالوا: والمراد النفخ في الصور وهي الأجساد لتعاد فيها الأرواح، كما قال تعالى (ونفخت فيه من روحي)، وتعقيب قوله: " جمع "، بأن هذه أسماء أجناس لا جموع، وبالغ النحاس وغيره في الرد على التأويل، وقال الأزهري: إنه خلاف ما عليه أهل السنة والجماعة.
قال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري): وقد أخرج أبو الشيخ في (كتاب العظمة)، من طريق وهب بن منبه من قوله قال: خلق الله الصور من لؤلؤة بيضاء في صفاء الزجاجة، ثم قال للعرش:
خذ الصور فتعلق به، ثم قال: كن، وكان إسرافيل، فأمره أن يأخذ الصور، فأخذه وبه ثقب بعدد كل روح مخلوقة، ونفس منفوسة، فذكر الحديث وفيه: " ثم تجمع الأرواح كلها في الصور، ثم يأمر الله إسرافيل فينفخ فيه، فتدخل كل روح في جسدها "، فعلى هذا فالنفخ يقع في الصور أولا، ليصل النفخ بالروح إلى الصور، وهي الأجساد، فإضافة النفخ إلى الصور الذي هو القرن، حقيقة، وإلى الصور التي هي الأجساد، مجاز.
قوله: " قال مجاهد: الصور كهيئة البوق "، وصله الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، قال في قوله تعالى: (ونفخ في الصور)، قال كهيئة البوق، وقال صاحب الصحاح: البوق الذي يزمر به، وهو معروف، ويقال للباطل، يعني يطلق ذلك عليه مجازا، لكونه من جنس الباطل.
قال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري): لا يلزم من كون الشئ مذموما أن لا يشبه به الممدوح، فقد وقع تشبيه صوت الوحي بصلصلة الجرس، مع النهي عن استصحاب الجرس، كما تقدم تقريره في بدء الوحي.
قوله: " قال ابن عباس: الناقور "، وصله الطبري وابن حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: (فإذا نقر في الناقور) قال الصور، ومعنى نقر نفخ، قاله في الأساس. وأخرج البيهقي من طريق أخرى عن ابن عباس في قوله تعالى: (فإذا نقر في الناقور)، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كيف أنعم وقد التقم صاحب القرن القرن "؟ وللحاكم بسند حسن، عن يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة رفعه " إن طرف صاحب الصور منذ وكل به مستعد ينظر نحو العرش مخافة أن يؤمر قبل أن يرتد إليه طرفه كأن عينيه كوكبان دريان ".
قوله: " الراجفة النفخة الأولى، والرادفة النفخة الثانية "، هو من تفسير ابن عباس، وصله الطبري وابن أبي حاتم بالسند المذكور، وقد تقدم بيانه في تفسير سورة النازعات، فليراجع هناك.
وإذا تقرر أن النفخة للخروج من القبور فكيف تسمعها الموتى؟ والجواب: يجوز أن تكون نفخة البعث تطول إلى أن تكامل إحياؤهم شيئا بعد شئ، وتقدم الإلمام في قصة موسى مما ورود في تعيين من استثنى الله تعالى في قوله تعالى (فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله)، وحاصل ما جاء في ذلك عشرة أقوال ذكرهم الحافظ ابن حجر في (الفتح): 11 / 451 باب (43) من كتاب الرقاق فليراجع هناك.
(٢٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 235 236 237 239 240 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر مجيء الملك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم برسالات ربه تعالى 3
2 ذكر الاختلاف في أول سورة من القرآن أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم 3
3 ذكر الاختلاف في شق صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم، متى كان وأين وقع؟ 32
4 ذكر مجيء جبرئيل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم في الصورة التي خلقه الله عليها 39
5 ذكر كيفية إلقاء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم 45
6 ذكر تعليم جبرئيل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الوضوء والصلاة 53
7 وأما إقامة جبريل عليه السلام أوقات الصلاة للنبي صلى الله عليه وسلم وأنه أمه فيها 60
8 ذكر الجهة التي كان صلى الله عليه وسلم يستقبلها في صلاته 81
9 ذكر من قرن برسول الله صلى الله عليه وسلم من الملائكة 94
10 فصل في ذكر الفضائل التي خص الله تعالى بها نبيه ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم وشرفه بها على جميع الأنبياء 95
11 فأما أنه صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين 96
12 وأما مخاطبة الله له بالنبوة والرسالة، ومخاطبة من عداه من الأنبياء باسمه 105
13 وأما دفع الله عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما قرفه به المكذبون، ونهى الله تعالى العباد عن مخاطبته باسمه 108
14 وأما دفع الله تعالى عن النبي صلى الله عليه وسلم ما قرفه المكذبون له 111
15 وأما مغفرة ذنبه من غير ذكره تعالى له خطأ ولا زلة 112
16 وأما أخذ الله تعالى الميثاق على جميع الأنبياء أن يؤمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، وينصروه إن أدركوه 116
17 وأما عموم رسالته إلى الناس جميعا وفرض الإيمان به على الكافة، وأنه لا ينجو أحد من النار حتى يؤمن به صلى الله عليه وسلم 122
18 وأما فرض طاعته، فإذا وجب الإيمان به وتصديقه بما جاء به وجبت طاعته لأن ذلك مما أتى به 132
19 وأما وجوب اتباعه وامتثال سنته والاقتداء بهديه صلى الله عليه وسلم 145
20 وأما أمر الكافة بالتأسي به قولا وفعلا 154
21 وأما اقتران اسم النبي صلى الله عليه وسلم باسم الله تعالى 167
22 وأما تقدم نبوته صلى الله عليه وسلم قبل تمام خلق آدم عليه السلام 169
23 ذكر التنويه بذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم من زمن آدم عليه السلام 187
24 وأما شرف أصله، وتكريم حسبه، وطيب مولده صلى الله عليه وسلم 204
25 وأما أن أسماءه خير الأسماء 216
26 وأما قسم الله تعالى بحياته صلى الله عليه وسلم 221
27 وأما تفرده بالسيادة يوم القيامة على جميع الأنبياء والرسل وأن آدم ومن دونه تحت لوائه صلى الله عليه وسلم 224
28 فصل في ذكر المفاضلة بين المصطفى وبين إبراهيم الخليل صلوات الله عليهما وسلامه 241
29 وأما اختصاصه صلى الله عليه وسلم بالشفاعة العظمى يوم الفزع الأكبر 263
30 ذكر المقام المحمود الذي وعد الله تعالى به الرسول صلى الله عليه وسلم 288
31 تنبيه وإرشاد 292
32 إيضاح وتبيان 295
33 وأما حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الكوثر 297
34 وأما كثرة أتباعه صلى الله عليه وسلم 309
35 وأما الخمس التي أعطيها صلى الله عليه وسلم 311
36 وأما أنه بعث بجوامع الكلم وأوتي مفاتيح خزان الأرض 315
37 وأما تأييده بقتال الملائكة معه 319
38 وأما أنه خاتم الأنبياء 334
39 وأما أن أمته خير الأمم 338
40 وأما ذكره صلى الله عليه وسلم في كتب الأنبياء وصحفهم وإخبار العلماء بظهوره حتى كانت الأمم تنتظر بعثته صلى الله عليه وسلم 345
41 ثم جاءني محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم 378
42 وأوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم 379
43 ومن إعلامه في التوراة 385
44 ومن إعلامه في التوراة أيضا 386
45 ومن ذكر شعيا له 387
46 ومن ذكر شعيا له 388
47 وفي حكاية يوحنا عن المسيح 390
48 وفي إنجيل متى 391
49 وذكر شعيا طريق مكة فقال: 394
50 وأما سماع الأخبار بنبوته من الجن وأجواف الأصنام ومن الكهان 396