بحياة محمد صلى الله عليه وسلم تشريفا له، أن قومه من قريش في سكرتهم يعمهون، وفي حيرتهم يترددون. وقال القاضي عياض (١): اتفق أهل التفسير في هذا أنه قسم من الله تعالى بمدة حياة محمد صلى الله عليه وسلم، ومعناه: وبقائك يا محمد، وقيل: وعيشتك، وقيل:
وحياتك، وهذه نهاية التعظيم، وغاية البر والشرف.
وخرج الحرث بن أبي أسامة من حديث عمرو بن مالك البكري، عن أبي الجوزاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه قال: ما خلق الله وما ذرأ نفسا أكرم على الله من محمد صلى الله عليه وسلم، وما سمعت أن الله أقسم بحياة أحد إلا بحياته فقال:
﴿لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون﴾ (٢)، وفي ورواية: ما حلف الله بحياة أحد قط إلا بمحمد فقال: (لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون) (٢)، وقال أبو الجوزاء: ما أقسم الله بحياة أحد غير محمد لأنه أكرم البرية عنده، وقال ابن عقيل الحنبلي: وأعظم من قوله لموسى: ﴿واصطنعتك لنفسي﴾ (٣)، وقوله لمحمد صلى الله عليه وسلم: ﴿إن الذين يبايعونك إنما يبايعونك الله﴾ (٤)، وقوله تعالى: ﴿لا أقسم بهذا البلد وأنت حل البلد﴾ (٥)، المعنى: أقسم لا بالبلد، فإن أقسمت بالبلد فلأنك فيه. قال ابن الجوزي: أقسم تعالى بتراب قدم محمد صلى الله عليه وسلم فقال:
(لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد) (٥)، قال ابن عقيل: قال تعالى:
يا موسى ﴿فاخلع نعليك﴾ (٦)، أي ولا تجئ إلا ماشيا، ومحمد ركب البراق ولا يجئ إلا راكبا.
وقال القاضي أبو بكر بن العربي: أقسم الله بحياته ثم زاده شرفه فأقسم بغبار رجليه فقال تعالى: ﴿والعاديات ضبحا﴾ (7)، الآية (8)، وقال أبو نعيم: