وقد يحتج لذلك بقوله تعالى: ﴿وأحسن كما أحسن الله إليك﴾ (١)، ولا ريب أنه لا يقدر أحد أن يحسن بقدر ما أحسن الله إليه، وإنما أريد به أصل الإحسان لا قدره.
ومنه قوله تعالى: ﴿إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده﴾ (٢)، وهذا التشبيه إنما هو في أصل الوحي لا في قدره وفضيلته والموحي به، وقوله تعالى: ﴿فليأتنا بآية كما أرسل الأولون﴾ (٣)، إنما مرادهم جنس الآية لا نظير ها.
وقوله تعالى: ﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم﴾ (٤)، ومعلوم أن كيفية الاستخلاف مختلفة، وإنما لهذه الأمة أكمل ما لغيرها.
وقال تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم﴾ (٥)، والتشبيه إنما هو في أصل الصوم لا في عينه وقدره وكيفيته.
وقال تعالى: ﴿كما بدأكم تعودون﴾ (٦)، ومعلوم تفاوت ما بين النشأة الأولى وهي المبتدأ، وبين الثانية وهي المعاد.
وقال تعالى: ﴿إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا﴾ (7)، ومعلوم أن الشبيه في أصل الإرسال لا يقتضي تماثل الرسولية.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقناكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا وتروح بطانا "، فالتشبيه هنا في أصل الرزق لا في قدره، ولا في كيفيته، ونظائر ذلك [كثير].