رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أما والله ما لمت نفسي في عدواتك ولكنه من يخذل الله يخذل (1). ثم أقبل على الناس فقال: أيها الناس، إنه لا بأس بأمر الله، كتاب وقدر وملحمة كتبها الله على بني إسرائيل. ثم جلس فضربت عنقه، فقال جبل بن جوال الثعلبي (2):
لعمرك ما لام ابن أخطب نفسه * ولكنه من يخذل الله يخذل لجاهد حتى أبلغ النفس عذرها * وقلقل يبغي العز كل مقلقل (3) وذكر ابن إسحاق قصة الزبير بن باطا، وكان شيخا كبيرا قد عمي وكان قد من يوم بعاث على ثابت بن قيس بن شماس وجز ناصيته فلما كان هذا اليوم أراد أن يكافئه فجاءه فقال: هل تعرفني يا أبا عبد الرحمن؟ قال: وهل يجهل مثلي مثلك؟ فقال له ثابت: أريد أن أكافئك فقال:
إن الكريم يجزي الكريم، فذهب ثابت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستطلقه فأطلقه له ثم جاءه فأخبره فقال شيخ كبير لا أهل [له] (4) ولا ولد فما يصنع بالحياة فذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستطلق له امرأته وولده فأطلقهم له ثم جاءه فقال أهل بيت بالحجاز لا مال لهم فما بقاؤهم على ذلك؟ فأتى ثابت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستطلق مال الزبير بن باطا فأطلقه له ثم جاءه فأخبره فقال له يا ثابت ما فعل الذي كان وجهه مرآة صينية تتراءى فيها عذارى حي كعب بن أسد؟ قال: قتل. قال: فما فعل سيد الحاضر والبادي حيي بن أخطب؟ قال قتل، قال: فما فعل مقدمتنا إذا شددنا وحاميتنا إذا فررنا: عزال بن شموال (5)؟ قال: قتل. قال فما فعل المجلسان؟ - يعني بني كعب بن قريظة وبني عمرو بن قريظة - قال: ذهبوا قتلوا، قال فإني أسألك يا ثابت بيدي عندك إلا ألحقتني بالقوم فوالله ما في العيش بعد هؤلاء من خير فما أنا بصابر لله فيلة (6) دلو ناضح حتى ألقى الأحبة. فقدمه ثابت فضربت عنقه، فلما بلغ أبا بكر الصديق قوله " ألقى الأحبة " قال " يلقاهم والله في نار جهنم فيها مخلدا " قال ابن إسحاق " فيلة " بالفاء والياء المثناة من أسفل، وقال ابن هشام:
بالقاف والباء الموحدة. وقال ابن هشام: الناضح البعير الذي يستقى عليه الماء لسقي النخل،