الأرض إلى يومه هذا، فذكر شأنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ذاك رجل نجاه الله بوفائه. قال:
وبعض الناس يزعم أنه كان أوثق برمة فيمن أوثق بني قريظة فأصبحت رمته ملقاة ولم يدر أين ذهب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه تلك المقالة والله أعلم أي ذلك كان. قال ابن إسحاق: فلما أصبحوا نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتواثبت الأوس فقالوا: يا رسول الله: إنهم كانوا موالينا دون الخزرج، وقد فعلت في موالي إخواننا بالأمس ما قد علمت، يعنون عفوه عن بني قينقاع، حين سأله فيهم عبد الله بن أبي كما تقدم. قال ابن إسحاق: فلما كلمته الأوس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الأوس ألا ترضون أن يحكم فيهم رجل منكم؟ قالوا: بلى. قال فذلك إلى سعد بن معاذ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جعل سعد بن معاذ في خيمة لامرأة من أسلم يقال لها رفيدة (1) في مسجده وكانت تداوي الجرحى فلما حكمه في بني قريظة أتاه قومه فحملوه على حماره قد وطئوا له بوسادة من أدم وكان رجلا جسيما جميلا، ثم أقبلوا معه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يقولون يا أبا عمرو أحسن في مواليك، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما ولاك ذلك لتحسن فيهم. فلما أكثروا عليه قال: قد آن لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم. فرجع بعض (2) من كان معه من قومه إلى دار بني عبد الأشهل فنعى لهم رجال بني قريظة، قبل أن يصل إليهم سعد عن كلمته التي سمع منه فلما انتهى سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قوموا إلى سيدكم فأما المهاجرون من قريش، فيقولون إنما أراد الأنصار، وأما الأنصار فيقولون قد عم رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين فقاموا إليه فقالوا: يا أبا عمرو إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ولاك أمر مواليك، لتحكم فيهم فقال سعد عليكم بذلك عهد الله وميثاقه، أن الحكم فيهم لما حكمت؟ قالوا: نعم قال: وعلي من هاهنا في الناحية التي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو معرض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالا له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
نعم، قال سعد: فإني أحكم فيهم أن يقتل الرجال وتقسم الأموال وتسبى الذراري والنساء.
قال ابن إسحاق فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن عبد الرحمن بن عمر بن سعد بن معاذ، عن علقمة بن وقاص الليثي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد: لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة (3). وقال ابن هشام: حدثني من أثق به من أهل العلم: أن علي بن أبي طالب صاح وهم محاصرو بني قريظة: يا كتيبة الايمان وتقدم هو والزبير بن العوام وقال: والله لأذوقن ما ذاق حمزة أو اقتحم حصنهم، فقالوا: يا محمد ننزل على حكم سعد بن معاذ. وقد قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن سعيد بن إبراهيم، سمعت أبا أمامة بن سهل، سمعت أبا سعيد الخدري قال: نزل أهل قريظة على حكم سعد بن معاذ. قال: فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد فأتاه على حمار فلما دنا قريبا من المسجد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قوموا