قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: فدونك فسمع وطاعة، فلما أصبحت أخذت برأس الجمل، فأقبلت به حتى أنخته على باب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جلست في المسجد قريبا منه، قال: وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى الجمل فقال: ما هذا، قالوا: يا رسول الله هذا جمل جاء به جابر، قال:
فأين جابر؟ فدعيت له، قال: فقال: يا ابن أخي خذ برأس جملك فهو لك، قال: ودعا بلالا فقال: اذهب بجابر، فأعطه أوقية، قال: فذهبت معه فأعطاني أوقية وزادني شيئا يسيرا، قال:
فوالله ما زال ينمي عندي، ويرى مكانه من بيتنا حتى أصيب أمس فيما أصيب لنا. يعني يوم الحرة (1). وقد أخرجه صاحب الصحيح من حديث عبيد الله بن عمر العمري عن وهب بن كيسان عن جابر ينحوه (2) قال السهيلي: في هذا الحديث إشارة إلى ما كان أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم جابر بن عبد الله أن الله أحيا والده وكلمه فقال له تمن علي. وذلك أنه شهيد وقد قال الله تعالى (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم) وزادهم على ذلك في قوله (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ثم جمع لهم بين العوض والمعوض فرد عليهم أرواحهم التي اشتراها منهم فقال (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أموات بل أحياء عند ربهم يرزقون) والروح للانسان بمنزلة المطية كما قال عمر بن عبد العزيز. قال: فلذلك اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم جابر جمله وهو مطيته، فأعطاه ثمنه ثم رده عليه وزاده مع ذلك. قال ففيه تحقيق لما كان أخبره به عن أبيه. وهذا الذي سلكه السهيلي هاهنا إشارة غريبة وتخيل بديع والله سبحانه وتعالى أعلم. وقد ترجم الحافظ البيهقي في كتابه (دلائل النبوة) (3) على هذا الحديث في هذه الغزوة فقال: باب ما كان ظهر في غزاته هذه من بركاته وآياته في جمل جابر بن عبد الله رضي الله عنه. وهذا الحديث له طرق عن جابر وألفاظ كثيرة وفيه اختلاف كثير في كمية ثمن الجمل وكيفية ما اشترط في البيع. وتحرير ذلك واستقصاؤه لائق بكتاب البيع من الاحكام والله أعلم. وقد جاء تقييده بهذه الغزوة وجاء تقييده بغيرها كما سيأتي ومستبعد تعداد ذلك والله أعلم.
غزوة بدر الآخرة وهي بدر الموعد التي تواعدوا إليها من أحد كما تقدم. قال ابن إسحاق: ولما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة من غزوة ذات الرقاع أقام بها بقية جمادي الأولى وجمادي الآخرة ورجبا، ثم خرج في شعبان إلى بدر لميعاد أبي سفيان. قال ابن هشام: واستعمل على المدينة عبد الله بن