غزوة الحديبية (1) وقد كانت في ذي القعدة سنة ست بلا خلاف. وممن نص على ذلك الزهري ونافع مولى ابن عمر، وقتادة وموسى بن عقبة، ومحمد بن إسحاق بن يسار وغيرهم. وهو الذي رواه ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة أنها كانت في ذي القعدة سنة ست. وقال يعقوب بن سفيان حدثنا إسماعيل بن الخليل، عن علي بن مسهر أخبرني هشام بن عروة عن أبيه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية في رمضان وكانت الحديبية في شوال. وهذا غريب جدا عن عروة. وقد روى البخاري ومسلم جميعا: عن هدبة عن همام عن قتادة أن أنس بن مالك أخبره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر [كلهن] في ذي القعدة إلا العمرة التي مع حجته. عمرة من الحديبية في ذي القعدة وعمرة من العام المقبل في ذي القعدة ومن الجعرانة في ذي القعدة حيث قسم غنائم حنين وعمرة مع حجته. وهذا لفظ البخاري (2). وقال ابن إسحاق: ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة رمضان وشوال وخرج في ذي القعدة معتمرا لا يريد حربا. قال ابن هشام: واستعمل على المدينة نميلة بن عبد الله الليثي (3). قال ابن إسحاق: واستنفر العرب ومن حوله من أهل البوادي من الاعراب ليخرجوا معه، وهو يخشى من قريش أن يعرضوا له بحرب أو يصدوه عن البيت، فأبطأ عليه كثير من الاعراب، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن معه من المهاجرين والأنصار ومن لحق به من العرب، وساق معه الهدي وأحرم بالعمرة، ليأمن الناس من حربه، وليعلم الناس أنه إنما خرج زائرا لهذا البيت ومعظما له. قال ابن إسحاق: وحدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، عن عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم أنهما حدثاه قالا: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية يريد زيارة البيت، لا يريد قتالا، وساق معه الهدي سبعين بدنة، وكان الناس سبعمائة.
رجل، وكان كل بدنة عن عشرة نفر. وكان جابر بن عبد الله فيما بلغني، يقول: كنا أصحاب الحديبية أربع عشرة مائة. قال الزهري: وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بعسفان لقيه بشر (4) بن سفيان الكعبي فقال: يا رسول الله هذه قريش قد سمعت بمسيرك فخرجوا معهم العوذ المطافيل (5) قد لبسوا جنود النمور وقد نزلوا بذي طوى، يعاهدون الله لا تدخلها عليهم أبدا،