لما جلس بين يديه عليه الصلاة والسلام قال له " أمنته ثم قتلته؟ " ثم دعا عليه، قال الحسن فوالله ما مكث محلم إلا سبعا حتى مات فلفظته الأرض ثم دفنوه فلفظته الأرض ثم دفنوه فلفظته الأرض، فرضموا عليه من الحجارة حتى واروه فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " إن الأرض لتطابق على من هو شر منه ولكن الله أراد أن يعظكم في حرم ما بينكم لما أراكم منه " (1). وقال ابن جرير: ثنا وكيع ثنا جرير عن ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم محلم بن جثامة مبعثا فلقيهم عامر بن الأضبط فحياهم بتحية الاسلام - وكانت بينهم هنة في الجاهلية - فرماه محلم بسهم فقتله فجاء الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكلم فيه عيينة والأقرع فقال الأقرع: يا رسول الله سن اليوم وغير غدا، فقال عيينة: لا والله حتى تذوق نساؤه من الثكل ما ذاق نسائي فجاء محلم في بردين فجلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستغفر له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا غفر الله لك " فقام وهو يتلقى دموعه ببرديه، فما مضت له سابعة حتى مات فدفنوه فلفظته الأرض فجاؤوا النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له فقال " إن الأرض لتقبل من هو شر من صاحبكم ولكن الله أراد أن يعظكم من حرمتكم " ثم طرحوه في جبل فألقوا عليه من الحجارة ونزلت (يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا) الآية. وقد ذكره موسى بن عقبة عن الزهري ورواه شعيب عن الزهري عن عبد الله بن وهب عن قبيصة بن ذؤيب نحو هذه القصة، إلا أنه لم يسم محلم بن جثامة ولا عامر بن الأضبط وكذلك رواه البيهقي عن الحسن البصري بنحو هذه القصة وقال وفيه نزل قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا) الآية (2).
قلت: وقد تكلمنا في سبب نزول هذه الآية ومعناها في التفسير بما فيه الكفاية ولله الحمد والمنة.
سرية عبد الله بن حذافة السهمي (3) ثبت في الصحيحين (4): من طريق الأعمش عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن الحبلى، عن علي بن أبي طالب قال: استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من الأنصار على سرية بعثهم