في يدي إلا صفحة يمانية. فماذا ترى قد قتل بهذه الأسياف كلها؟ دع غيره من الابطال والشجعان من حملة القرآن، وقد تحكموا في عبدة الصلبان عليهم لعائن الرحمن، في ذلك الزمان وفي كل أوان. وهذا مما يدخل في قوله تعالى (وقد كان لكم في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة ترونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الابصار) [آل عمران: 13].
حديث فيه فضيلة عظيمة لأمراء هذه السرية وهم زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة رضي الله عنهم. قال الامام العالم الحافظ أبو زرعة عبد الله بن عبد الكريم الرازي نضر الله وجهه في كتابه دلائل النبوة - وهو كتاب جليل - حدثنا صفوان بن صالح الدمشقي، ثنا الوليد، ثنا ابن جابر. وحدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي ثنا الوليد وعمرو - يعني ابن عبد الواحد - قالا: ثنا ابن جابر سمعت سليم بن عامر الخبائري، يقول أخبرني أبو أمامة الباهلي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " بينا أنا نائم إذا أتاني رجلان فأخذا بضبعي فأتيا بي جبلا وعرا فقالا: اصعد، فقلت: لا أطيقه فقالا:
إنا سنسهله لك قال فصعدت حتى إذا كنت في سواء الجبل، إذا أنا بأصوات شديدة فقلت: ما هؤلاء الأصوات؟ فقالا: عواء أهل النار ثم انطلقا بي فإذا بقوم معلقين بعراقيبهم مشققة أشداقهم تسيل أشداقهم دما فقلت ما هؤلاء؟ فقالا: هؤلاء الذين يفطرون قبل تحلة صومهم فقال خابت اليهود والنصارى " قال سليم سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أم من رأيه؟ " ثم انطلقا بي فإذا قوم أشد شئ انتفاخا وأنتن شئ ريحا كأن ريحهم المراحيض قلت من هؤلاء؟ قالا هؤلاء قتلى الكفار ثم انطلقا بي فإذا بقوم أشد انتفاخا وأنتن شئ ريحا كان ريحهم المراحيض قلت من هؤلاء؟ قال هؤلاء الزانون والزواني ثم انطلقا بي فإذا بنساء ينهش ثديهن الحيات فقلت ما بال هؤلاء؟ قالا: هؤلاء اللاتي يمنعن أولادهن ألبانهن ثم انطلقا بي فإذا بغلمان يلعبون بين بحرين قلت: من هؤلاء؟
قالا: هؤلاء ذراري المؤمنين ثم أشرفا بي شرفا فإذا بنفر ثلاثة يشربون من خمر لهم فقلت من هؤلاء؟ قالا: هذا جعفر بن أبي طالب، وزيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة ثم أشرفا بي شرفا آخر فإذا أنا بنفر ثلاثة فقلت: من هؤلاء؟ قالا: هذا إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام وهم ينتظرونك.