وغيره أنه لما قدمها خالد لخمس بقين من رمضان فهدمها ورجع فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " ما رأيت؟ " قال لم أر شيئا فأمره بالرجوع فلما رجع خرجت إليه من ذلك البيت امرأة سوداء ناشرة شعرها تولول فعلاها بالسيف وجعل يقول:
يا عزى كفرانك لا سبحانك * إني رأيت (1) الله قد أهانك ثم خرب ذلك البيت الذي كانت فيه وأخذ ما كان فيه من الأموال رضي الله عنه وأرضاه، ثم رجع فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " تلك العزى ولا تعبد أبدا " وقال البيهقي: أنبأ محمد بن أبي بكر الفقيه، أنبأ محمد بن أبي جعفر، أنبأ أحمد بن علي، ثنا أبو كريب، عن ابن فضيل، عن الوليد بن جميع، عن أبي الطفيل قال: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة بعث خالد بن الوليد إلى نخلة وكانت بها العزى، فأتاها وكانت على ثلاث سمرات فقطع السمرات، وهدم البيت الذي كان عليها ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال " ارجع فإنك لم تصنع شيئا " فرجع خالد فلما نظرت إليه السدنة وهم حجابها أمعنوا هربا في الجبل وهم يقولون: يا عزى خبليه يا عزى عوريه وإلا فموتي برغم. قال: فأتاها خالد فإذا امرأة عريانة ناشرة شعرها تحثو التراب على رأسها ووجهها فعممها بالسيف حتى قتلها ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: " تلك العزى " (5).
فصل في مدة إقامته عليه السلام بمكة لا خلاف أنه عليه الصلاة والسلام أقام بقية شهر رمضان يقصر الصلاة ويفطر، وهذا دليل من قال من العلماء: إن المسافر إذا لم يجمع الإقامة فله أن يقصر ويفطر إلى ثماني عشر يوما في أحد القولين وفي القول الآخر كما هو مقرر في موضعه. قال البخاري: ثنا أبو نعيم، ثنا سفيان ح وحدثنا قبيصة ثنا سفيان، عن يحيى بن أبي إسحاق عن أنس بن مالك قال: أقمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرا يقصر الصلاة وقد رواه بقية الجماعة من طرق متعددة عن يحيى بن أبي إسحاق الحضرمي البصري عن أنس به نحوه. قال البخاري ثنا عبد ان، ثنا عبد الله أنبأ عاصم عن عكرمة عن ابن عباس قال: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة عشر يوما يصلي ركعتين (1). ورواه البخاري أيضا من وجه آخر زاد البخاري: وأبو حصين كلاهما وأبو داود والترمذي وابن ماجة من حديث عاصم بن سليمان الأحول، عن عكرمة عن ابن عباس به وفي لفظ لأبي داود سبعة عشر يوما (4). وحدثنا أحمد بن يونس، ثنا أحمد بن شهاب، عن عاصم عن عكرمة عن ابن عباس