ثوبه من جانبه الآخر فجلست عليه، ثم جاءه أخوه من الرضاعة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجلسه بين يديه، وقد تقدم أن هوازن بكمالها متوالية برضاعته من بني سعد بن بكر وهم شرذمة من هوازن، فقال خطيبهم زهير بن صرد: يا رسول الله إنما في الحظائر أمهاتك وخالاتك وحواضنك فامنن علينا من الله عليك وقال فيما قال:
أمنن على نسوة قد كنت ترضعها * إذ فوك يملؤه من محضها درر أمنن على نسوة قد كنت ترضعها * وإذ يزينك ما تأتي وما تذر فكان هذا سبب إعتاقهم عن بكرة أبيهم فعادت فواضله عليه السلام عليهم قديما وحديثا خصوصا وعموما. وقد ذكر الواقدي: عن إبراهيم بن محمد بن شرحبيل عن أبيه قال: كان النضير بن الحارث بن كلدة من أجمل الناس فكان يقول: الحمد لله الذي من علينا بالاسلام، ومن علينا بمحمد صلى الله عليه وسلم، ولم نمت على ما مات عليه الآباء، وقتل عليه الاخوة، وبنو العم. ثم ذكر عداوته للنبي صلى الله عليه وسلم وأنه خرج مع قومه من قريش إلى حنين وهم على دينهم بعد، قال ونحن نريد إن كانت دائرة على محمد أن نغير عليه فلم يمكنا ذلك، فلما صار بالجعرانة فوالله إني لعلى ما أنا عليه إن شعرت إلا برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " أنضير؟ " قلت لبيك، قال " هلك لك إلى خير مما أردت يوم حنين مما حال الله بينك وبينه؟ " قال فأقبلت إليه سريعا فقال " قد آن لك أن تبصر ما كنت فيه توضع " قلت قد أدري أن لو كان مع الله غيره لقد أغنى شيئا، وإني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اللهم زده ثباتا " قال النضير: فوالذي بعثه بالحق لكأن قلبي حجر ثباتا في الدين، وتبصرة بالحق. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحمد لله الذي هداه " (1).
عمرة الجعرانة في ذي القعدة قال الإمام أحمد: ثنا بهز وعبد الصمد المعنى قالا: ثنا همام بن يحيى، ثنا قتادة قال:
سألت أنس بن مالك قلت: كم حج رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: حجة واحدة، واعتمر أربع مرات. عمرته زمن الحديبية وعمرته في ذي القعدة من المدينة، وعمرته من الجعرانة في ذي القعدة، حيث قسم غنيمة حنين، وعمرته مع حجته (2). ورواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي من طرق عن همام بن يحيى به. وقال الترمذي حسن صحيح. وقال الإمام أحمد: ثنا أبو النضر، ثنا داود - يعني العطار - عن عمرو عن عكرمة عن ابن عباس قال: اعتمر رسول الله