قال عروة: فلما كلمه أسامة فيها تلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال " أتكلمني في حد من حدود الله؟ " فقال أسامة استغفر لي يا رسول الله، فلما كان العشي قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال " أما بعد فإنما هلك الناس قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، والذي نفس محمد بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها " ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلك المرأة فقطعت يدها. فحسنت توبتها بعد ذلك وتزوجت، قالت عائشة: كانت تأتي بعد ذلك فأرفع حاجتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (1). وقد رواه البخاري في موضع آخر ومسلم من حديث ابن وهب عن يونس عن الزهري عن عروة عن عائشة به. وفي صحيح مسلم من حديث سبرة بن معبد الجهني قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمتعة عام الفتح حين دخل مكة ثم لم يخرج حتى نهى عنها. وفي رواية فقال " ألا إنها حرام حرام من يومكم هذا إلى يوم القيامة " وفي رواية في مسند أحمد والسنن أن ذلك كان في حجة الوداع فالله أعلم. وفي صحيح مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن يونس بن محمد، عن عبد الواحد بن زياد، عن أبي العميس عن أياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه أنه قال: رخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عام أوطاس في متعة النساء ثلاثا ثم نهانا عنه. قال البيهقي: وعام أوطاس هو عام الفتح فهو وحديث سبرة سواء (2).
قلت: من أثبت النهي عنها في غزوة خيبر قال إنها أبيحت مرتين، وحرمت مرتين، وقد نص على ذلك الشافعي وغيره. وقد قيل إنها أبيحت وحرمت أكثر من مرتين فالله أعلم. وقيل إنها إنما حرمت مرة واحدة وهي هذه المرة في غزوة الفتح، وقيل إنها إنما أبيحت للضرورة فعلى هذا إذا وجدت ضرورة أبيحت وهذا رواية عن الإمام أحمد وقيل بل لم تحرم مطلقا وهي على الإباحة هذا هو المشهور عن ابن عباس وأصحابه وطائفة من الصحابة وموضع تحرير ذلك في الاحكام.
فصل قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق ثنا ابن جريج، أنبأ عبد الله بن عثمان بن خثيم أن محمد بن الأسود بن خلف أخبره: أن أباه الأسود رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع الناس يوم الفتح، قال جلس عند قرن مستقبله (3) فبايع الناس على الاسلام والشهادة قلت وما الشهادة؟ قال أخبرني