إلا الدم يسيل إليهم فقالوا: يا أهل الخيمة. ما هذا الذي يأتينا من قبلكم؟ فإذا سعد يغذو جرحه دما فمات منها (1). وهذا رواه مسلم من حديث عبد الله بن نمير به. قلت كان دعا أولا بهذا الدعاء قبل أن يحكم في بني قريظة ولهذا قال فيه ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة فاستجاب الله له، فلما حكم فيهم وأقر الله عينه أي قرار دعا ثانيا بهذا الدعاء فجعلها الله له شهادة رضي الله عنه وأرضاه. وسيأتي ذكر وفاته قريبا إن شاء الله. وقد رواه الإمام أحمد من وجه آخر عن عائشة مطولا جدا وفيه فوائد فقال: حدثنا يزيد، أنبأنا محمد بن عمرو، عن أبيه عن جده علقمة بن وقاص قال: أخبرتني عائشة قالت خرجت يوم الخندق أقفو الناس فسمعت وئيد الأرض ورائي، فإذا أنا بسعد بن معاذ ومعه ابن أخيه الحارث بن أوس يحمل مجنه، قالت: فجلست إلى الأرض، فمر سعد وعليه درع من حديد قد خرجت منها أطرافه فأنا أتخوف على أطراف سعد، قالت: وكان سعد من أعظم الناس وأطواهم فمر وهو يرتجز ويقول:
لبث قليلا يدرك الهيجا جمل * ما أحسن الموت إذا حان الاجل قالت: فقمت فاقتحمت حديقة فإذا نفر من المسلمين، فإذا فيها عمر بن الخطاب، وفيهم رجل عليه سبغة له - تعني المغفر - فقال عمر: ما جاء بك والله إنك لجريئة، وما يؤمنك أن يكون بلاء أو يكون تحوز، فما زال يلومني حتى تمنيت أن الأرض فتحت ساعتئذ فدخلت فيها، فرفع الرجل السبغة عن وجهه، فإذا هو طلحة بن عبيد الله فقال: يا عمر ويحك إنك قد أكثرت منذ اليوم، وأين التحوز أو الفرار إلا إلى الله عز وجل. قالت: ويرمي سعدا رجل من قريش يقال له ابن العرقة وقال: خذها وأنا ابن العرقة فأصاب أكحله فقطعه فدعا الله سعد فقال: اللهم لا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة قالت وكانوا حلفاءه، ومواليه في الجاهلية قالت: فرقأ كلمة وبعث الله الريح على المشركين وكفى الله المؤمنين القتال، وكان الله قويا عزيزا. فلحق أبو سفيان ومن معه بتهامة، ولحق عيينة بن بدر ومن معه بنجد، ورجعت بنو قريظة فتحصنوا في صياصيهم ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وأمر بقبة من أدم فضربت على سعد في المسجد قالت: فجاء جبريل وإن على ثناياه لنقع الغبار فقال: أقد وضعت السلاح لا والله ما وضعت الملائكة السلاح بعد، أخرج إلى بني قريظة فقاتلهم. قالت: فلبس رسول الله صلى الله عليه وسلم لامته وأذن في الناس بالرحيل أن يخرجوا فمر على بني غنم، وهم جيران المسجد حوله فقال: من مر بكم؟ قالوا: مر بنا دحية الكلبي - وكان دحية الكلبي تشبه لحيته وسنه ووجهه جبريل عليه السلام - فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فحاصرهم خمسا وعشرين ليلة فلما اشتد حصرهم واشتد البلاء قيل لهم انزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستشاروا أبا لبابة بن عبد المنذر، فأشار إليهم أنه الذبح قالوا: ننزل على حكم سعد بن معاذ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انزلوا على حكم سعد بن معاذ، فأتي به على حمار عليه أكاف من