غزوة مؤتة (1) وهي سرية زيد بن حارثة في نحو من ثلاثة آلاف إلى أرض البلقاء من أرض الشام.
قال محمد بن إسحاق بعد قصة عمرة القضية. فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بقية ذي الحجة - وولى تلك الحجة المشركون - والمحرم وصفرا وشهري ربيع وبعث في جمادى الأولى بعثه إلى الشام الذين أصيبوا بمؤتة. فحدثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة بن الزبير قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إلى مؤتة في جمادى الأولى من سنة ثمان واستعمل عليهم زيد بن حارثة، وقال " إن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب على الناس، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة على الناس " فتجهز الناس ثم تهيئوا للخروج وهم ثلاثة آلاف.
وقال الواقدي: حدثني ربيعة بن عثمان عن عمر (2) بن الحكم عن أبيه (3) قال: جاء النعمان بن فنحص اليهودي فوقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " زيد بن حارثة أمير الناس، فإن قتل زيد فجعفر بن أبي طالب، فإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة، فإن قتل عبد الله بن رواحة فليرتض المسلمون بينهم رجلا فليجعلوه عليهم ". فقال النعمان: أبا القاسم إن كنت نبيا فلو سميت من سميت قليلا أو كثيرا أصيبوا جميعا، وإن الأنبياء في بني إسرائيل كانوا إذا سموا الرجل على القوم فقالوا إن أصيب فلان ففلان، فلو سموا مائة أصيبوا جميعا، ثم جعل يقول لزيد، أعهد فإنك لا ترجع أبدا إن كان محمد نبيا. فقال زيد:
أشهد أنه نبي صادق بار. رواه البيهقي (4).
قال ابن إسحاق: فلما حضر خروجهم ودع الناس أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلموا عليهم، فلما ودع عبد الله بن رواحة مع من ودع بكى، فقالوا: ما يبكيك يا بن رواحة؟ فقال: أما والله ما بي حب الدنيا ولا صبابة بكم. ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ آية من كتاب الله يذكر فيها النار (وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا) [سورة مريم: 71] فلست أدري