(الاستذكار) عند ذكرنا هذه الغزاة، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهدم مسجد الضرار وإحراقه، وكان في بنى سالم بن عوف من الأوس، وفيه أنزل الله عز وجل " الذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله ".
وتوفيت أم كلثوم ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعبان، وفى ذي القعدة من هذه السنة كانت وفاة عبد الله بن أبي بن مالك بن الحارث بن عبيد بن مالك بن الحبلى، وهو سالم بن غنم بن عوف بن الخزرج بن حارثة، وأم أبيه سلول امرأة من خزاعة بها تعرف، وكان أحد المنافقين، وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة مهاجرا، والتاج ينظم له ليملك وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه السنة فرائض الصدقات وأوجب في الغلات مما سقى سيحا أو سقته السماء العشر، وما سقى بالنواضح نصف العشر، على ما في ذلك من التنازع بين فقهاء الأمصار في الوسق والحصر وغير ذلك.
ثم وجه عليه الصلاة والسلام أبا بكر الصديق رضي الله عنه في ذي الحجة ليحج بالناس ونزلت عليه سورة براءة، فبعث بسبع آيات من صدرها مع علي بن أبي طالب، وأمره أن يقوم بها على الناس بمنى إذا اجتمعوا، وقال " أذن في الناس أنه لا يدخل الجنة كافر، ولا يحج بعد هذا العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان ومن كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فهو له إلى مدته، وأجل الناس أربعة أشهر من يوم تنادى، ليرجع كل قوم إلى مأمنهم، ثم لا عهد لمشرك ولا ذمة وحمل عليا على ناقة العضباء، على ما في هذا الخبر من التنازع والتأول بين فرق أهل الصلاة من أصحاب النص من الشيعة، وأصحاب الاختيار من المعتزلة والخوارج والمرجئة وفقهاء الأمصار وغيرهم من الحشوية والنابتة، فحج المسلمون وحج المشركون على منازلهم من الشرك، وقام على بمنى على ما أمره