أصحابه إلى الأنبار، وسار عنها يريد الحضرة، حتى انتهى إلى النهير المعروف بزبارا فوق التل المعروف بعقرقوف بفرسخ وذلك على بعض يوم من مدينة السلام وكان مؤنس الخادم نصر، ونصر الحاجب المعروف بالقشوري، وأبو الهيجاء عبد الله بن حمدان، وقد كان أطلقه وغيره ممن سمينا أنه أسر معه قبل رحيله لمواقعة ابن أبي الساج وسائر من كان بالحضرة من عساكر السلطان معسكرين على هذا النهر، فلما أحسوا بدنوه قطعوا القنطرة التي عليها وصار النهر حاجزا بين الفريقين فشرع قوم من رجالته فرموا بالنشاب، وذلك في اليوم الثاني عشر والثالث عشر من ذي القعدة من هذه السنة ورجع يريد الأنبار وبعث مؤنس غلامه يلبق في نحو من ثلاثة، وقيل من سبعة آلاف على طريق قصر بن هبيرة من طريق الكوفة. فعبروا على جسر الفرات المعروف بجسر سورا وساروا في البر ليخالفوه إلى سواده.
وقد كان قوم من الأولياء، شرعوا في الماء، فأحرقوا الجسر الذي عقده، فحصل في الجانب الشرقي وسواده في الجانب الغربي.
وقيل إنه قطع الجسر عند عبوره، وتأدى إليه خبر يلبق فعبر الفرات في زورق عشرة عشرة من أصحابه، فيهم ثلاثة إخوة له، وعبر خلق سباحة فسبق إلى سواده. وقتل أخواه أبو العباس الفضل وأبو يعقوب يوسف، وكانا في السواد بن أبي الساج حين بلغهما قرب يلبق منهم، فلقي يلبق. فأتى على أكثر من كان معه ونجا يلبق منكسرا. وذلك يوم الأربعاء لإحدى عشرة ليلة بقيت من ذي القعدة من هذه السنة.
وسار إلى مدينة هيت في ثقلته فنزل عليها وحصرها - وأنا يومئذ بها منحدرا من الشأم أريد مدينة السلام - وعبر أصحابه الذين كانوا في جانب الأنبار على أطواف اتخذوها في الموضع المعروف بفم بقة أسفل هيت، فاجتمعوا منه فواقع.