دومة الجندل وبين دمشق خمس ليال، وبينها وبين المدينة خمس عشرة ليلة، وقيل ثلاث عشرة وكان صاحبها - أكيدر بن عبد الملك الكندي - يدين بالنصرانية، وهو في طاعة هرقل ملك الروم، وكان يعترض سفر المدينة وتجارهم، فبلغ أكيدر مسيره فهرب، وتفرق أهل دومة الجندل وصار إليها فلم يجد بها أحدا، فأقام أياما وعاد إلى المدينة، وكان استخلف عليها ابن أم مكتوم وفى هذه السنة وادع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري ثم غزوته صلى الله عليه وسلم لليلتين خلتا من شعبان، بنى المصطلق بن سعد بن عمرو - وهو خزاعة ومنه تفرقت بطونهم - ابن ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر، وإنما سموا خزاعة بانخزاعهم من جملة الأزد إلى بطن مر عند مسيرهم من مأرب، وفى ذلك يقول شاعرهم:
ولما هبطنا مر تخزعت * خزاعة منا في حلول كراكر وكانوا على ماء لهم يعرف بالمريسيع بطريق الفرع، والفرع على ثمانية برد من المدينة فناجزهم فانهزموا، فقتل وأسر وسبى الذراري والأموال، فكان في السبي جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار رئيس بنى المصطلق، وكانت صارت لبعض الأنصار فكاتبها، فأدى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابتها وتزوجها، فعتق الناس بقية السبي ببركتها، وعاد إلى المدينة، وكان قد استخلف عليها زيد بن حارثة مولاه. وكانت غيبته ثمانية عشر يوما.
وفى هذه الغزاة فقد عقد عائشة، وقال فيها أهل الإفك ما قالوا وهم: مسطح ابن أثاثة بن عباد بن المطلب بن عبد مناف، وهو ابن خالة أبى بكر، وكان في عياله - وحسان بن ثابت بن المنذر بن حرم بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن