وخرج رجل من بني مرة يقال له عامر بن عمارة، ويكنى أبا الهيذام، بحوران من أرض دمشق، فقتل اليمانية، وذلك في سنة 176، فوجه إليهم الرشيد السندي وجماعة من القواد، فقتل أبو الهيذام وفرق جمعه.
وخرج هارون يريد الشأم، فلما بلغه قتل أبي الهيذام مضى إلى الثغر، فأغزى هرثمة بن أعين بلاد الروم، وأمر ببناء طرسوس في سنة 171، فأحكم بناءها، وجعل لها خمسة أبواب، وحولها سبعة وثمانين برجا، ولها نهر عظيم يشق في وسطها، عليه القناطر المعقودة، وكان ابتداء بنائها على يد أبي سليمان مولاه، ثم انصرف إلى العراق يريد الحج، واستخلف على الشأمات والجزيرة جعفر بن يحيى بن خالد، فظهرت العصبية بحمص، فصعد جعفر بن يحيى منبرها، فخطب وحمد الله وأثنى عليه، وصلى على محمد، وقال: يا أهل الشأم! أحذركم عواقب البطر، ووبال ما لا يشكر من النعم، وملمة كل خطب يدفع إلى ندم، فإن السعيد من سعد بغيره، والشقي من شقي بنفسه، واتعظ به غيره، والمغبون من غبن عقله، والمفتون من فتن في دينه، والمحزوم من حزم حظه من ربه، والخاسر من باع آخرته بدنياه وآجله بعاجله، وإنما يخشى الله من عباده العلماء، ولم يعط الله من عباده إلا أولي البهاء... 1 في كلام كثير.
وخرج الوليد بن طريف الحروري بالجزيرة سنة 179، وكان عبد الملك ابن صالح يتولاها ويتولى بعض الشأم، فحصره الوليد بالرقة، فوجه الرشيد موسى بن خازم التميمي في جيش، فهزمه الوليد، فوجه بمعمر بن عيسى العبدي، فكانت بينهما وقائع، ثم مات معمر وهو في محاربته، فتوجه إليه يزيد بن مزيد الشيباني، فواقعه يوما واحدا، ثم قال له في اليوم الثاني: أبرز، يا وليد، ولا يقتل الناس بيني وبينك! فبرز له، فقتله يزيد، واحتز رأسه، وبعث به إلى الرشيد، وتفرق أصحابه، ثم اجتمعت طائفة منهم مع رجل يقال