كثيرة، ثم صار إلى مكة، فلم يفعل مثل ذلك.
ولما صار إلى مكة صعد المنبر، فخطب، ثم نزل، فدخل البيت، ودعا بمحمد والمأمون، فأملى على محمد كتاب الشرط على نفسه، وكتب محمد الكتاب، وأحلفه على ما فيه، وأخذ عليه العهود والمواثيق، وفعل بالمأمون مثله، وأخذ عليه مثل ذلك، وكان نسخة الكتاب الذي كتبه محمد بخطه:
بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتاب لعبد الله هارون أمير المؤمنين، كتبه محمد بن هارون في صحة من بدنه وعقله وجواز من أمره. إن أمير المؤمنين هارون ولاني العهد من بعده، وجعل لي البيعة في رقاب المسلمين جميعا، وولى أخي عبد الله ابن أمير المؤمنين العهد والخلافة وجميع أمور المسلمين بعدي برضى مني وتسليم، طائعا غير مكره، وولاه خراسان بثغورها وكورها، وأجنادها وخراجها وطرازها، وبريدها، وبيوت أموالها وصدقاتها وعشرها وعشورها، وجميع أعمالها في حياته وبعد موته، وشرطت لعبد الله أخي علي الوفاء بما جعل له هارون أمير المؤمنين من البيعة والعهد والولاية والخلافة وأمور المسلمين بعدي، وتسليم ذلك له وما جعل له من ولاية خراسان وأعمالها، وما أقطعه هارون أمير المؤمنين من قطيعة، وجعل له من عقدة، أو ضيعة من ضياعه وعقده، أو ابتاع من الضياع والعقد، وما أعطاه في حياته من مال، أو حلي، أو جوهر، أو متاع، أو كسوة، أو رقيق، قليلا أو كثيرا، فهو لعبد الله ابن أمير المؤمنين أخي، موفرا عليه مسلما له. وقد عرفت ذلك كله شيئا شيئا باسمه وأصنافه ومواضعه أنا وأخي عبد الله بن هارون، فإن اختلفنا في شئ منه، فالقول فيه قول عبد الله أخي لا أنتقصه صغيرا ولا كبيرا من ماله، ولا من ولايته خراسان وأعمالها، ولا أعزله عن شئ منها، ولا أستبدل به غيره، ولا أخلعه، ولا أقدم عليه في العهد والخلافة أحدا من الناس جميعا، ولا أدخل عليه مكروها في نفسه ولا دمه، ولا خاص ولا عام من أموره وولايته، ولا أمواله، ولا قطائعه، ولا عقده، ولا أغير عليه شيئا بسبب من الأسباب،