فما وافاه إلا أقل من خمسمائة، وكان ذلك في سنة 169 بعد انقضاء الموسم، فلقيه سليمان بن أبي جعفر، والعباس بن محمد بن علي، وموسى بن عيسى بفخ، فانهزم ومن كان معه، وافترقوا، وقتل الحسين بن علي، وجماعة من أهله، وهرب خاله إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي، فصار إلى المغرب، فغلب على ناحية تتاخم الأندلس، يقال لها فاس، فاجتمعت عليه كلمة أهلها.
فذكر أهل المغرب أن موسى وجه إليه من اغتاله بسم في مسواك فمات، وصار إدريس بن إدريس مكانه، وولده بها إلى هذه الغاية يتوارثون تلك المملكة.
واضطربت اليمن على الربيع بن عبد الله الحارثي، مولى موسى، فاستعمل الحصين بن كثير العبدي، ثم صرفه، واستعمل مكانه أيوب بن جعفر الهاشمي، ثم رد الربيع بن عبد الله الحارثي على البلد خلا صنعاء، فلم تزل البلاد مضطربة أيام موسى كلها.
وقدم الفضل بن صالح مصر، فلم يهج أحدا من أهل الحوف الذين قتلوا موسى بن مصعب عامل المهدي، فسكنهم، وكف عن طلبهم، فلم يقم إلا يسيرا حتى خرج دحية بن الأصبغ بن عبد العزيز بناحية أهناس، من قرى صعيد مصر في خلق عظيم، فقطع الطريق، وأخاف السبيل، ثم تغلب فجبى الخراج، فوجه الفضل بن صالح بقائد يعرف بسفيان ورجل من أهل الفيوم يعرف بعبد الله بن علي المرادي، فلقيا دحية بموضع يقال له صحراء بويط، وناوشاه الحرب، فانهزم دحية، فدخل قرموسا، وهو الأتون الذي يعمل فيه الفخار، فأخذاه أسيرا، وأتيا به الفضل، فضرب عنقه وصلبه، وبعث برأسه إلى موسى.
وشجرت بين موسى وبين أخيه الوحشة فعزم على خلعه وتصيير ابنه جعفر ولي العهد، ودعا القواد إلى ذلك، فتوقف عامتهم، وأشاروا عليه أن لا يفعل، وسارع بعضهم، وقووا عزيمته في ذلك، وأعلموه أن الملك لا يصلح إن صار إلى هارون، فكان ممن سعى في خلعه أبو هريرة محمد بن فروخ الأزدي القائد