واستعمل هارون على السند سالما اليونسي، مولى إسماعيل بن علي، مكان الليث مولى أمير المؤمنين، فأحسن السيرة، ولم يلبث أن ولى إسحاق بن سليمان ابن علي الهاشمي، وقدم البلد، وكان عفيفا، ثم عزله وولى طيفور بن عبد الله ابن منصور الحميري، فهاجت بين اليمانية والنزارية حرب، فوجه جابر بن الأشعث الطائي على غربي النهر ومكران، ثم ولى سعيد بن سلم بن قتيبة، فوجه أخاه كثير بن سلم، فأساء السيرة، وكان مذموما، وصير الرشيد السند إلى عيسى بن جعفر بن المنصور، فبعث إليها محمد بن عدي الثعلبي، فلما قدم بدأ بالعصبية والتحامل وضرب القبائل بعضها ببعض، وخرج من المنصورة يريد الملتان، فلقيه أهلها فقاتلوه فهزموه ونهبوا ما معه من السلاح، وفر منهزما لا يلوي على شئ حتى صار إلى المنصورة والتحمت العصبية بين اليمانية والنزارية واتصلت، فولى الرشيد عبد الرحمن... 1 ثم ولى أيوب بن جعفر بن سليمان، ثم ولى داود بن يزيد بن حاتم المهلبي سنة 184، فوجه إليها أخاه المغيرة، فرفعت النزارية رؤوسهم، وعزموا على أن يقسموا البلاد أرباعا: ربعا لقريش، وربعا لقيس، وربعا لربيعة، ويخرجوا اليمانية.
ولما قدم المغيرة أغلق أهل المنصورة الأبواب ومنعوه الدخول، إلا أن يعاهدهم ألا يستعمل فيهم العصبية، أو يخرجوا جميعا عن المدينة ويدخلها، فخرج من به رمق ودخلها المغيرة، فتحامل على النزارية، فقاتلوه فهزموه، وسار داود بن يزيد لما بلغه الخبر حتى قدم البلد، فجرد فيهم السيف، فقتل من النزارية خلقا عظيما، وصار إلى المنصورة، فأقام يقاتلهم عشرين يوما، ولم تزل الحروب بينهم عدة شهور، ففتحها، ثم سار إلى سائر مدن السند، فلم يزل يفتح ويخرب إلى أن استقامت له البلاد.
وولى هارون سليمان بن أبي جعفر دمشق، فوثب به أهلها بسبب القلة البلور التي كانت في محرابهم، فأخرجوه وانتهبوا كل ما كان معه.