داود، وكان يعقوب جميل المذهب، ميمون النقيبة، محبا للخير، كثير الفضل، حسن الهدي، ثم عزله وسخط عليه، فحبسه فلم يزل محبوسا حتى مات المهدي، وصير مكانه محمد بن الليث صاحب البلاغة.
وكان علي بن يقطين والحسن بن راشد يغلبان على أموره، وكان على شرطته نصر بن مالك، ثم مات نصر، فولى أخاه حمزة بن مالك، ثم عزله، وولى عبد الله بن مالك، وكان على حرسه محمد بن إبراهيم، ثم عزله، واستعمل مكانه أبا العباس الطوسي، وكان حاجبه الربيع مولاه، وكان قضاته ابن علاثة العقيلي، وعافية بن يزيد الأزدي، وعلى الكوفة شريك بن عبد الله، وعلى البصرة عبيد الله بن الحسن العنبري، وعلى المدينة عبد الله بن محمد بن عمران التيمي، وكان أول قاض قضى بها من قبل خليفة، وعلى مصر عبد الله بن لهيعة الحضرمي، ثم استعمل ابن اليسع الكندي من أهل الكوفة، ثم غوث بن سليمان الحضرمي من أهل مصر، ثم المفضل بن فضالة القتباني.
وأصاب الناس في آخر سنة 168 ودخول سنة 169 وباء وموت كثير، وظلمة وتراب أحمر، كانوا يجدونه في فرشهم وعلى وجوههم.
وخرج المهدي من بغداد لإحدى عشرة ليلة خلت من المحرم سنة 169 إلى الجبل، فنزل قرية يقال لها الرذ من أرض ماسبذان، وخرج يتصيد، فأقام سائر يومه يطرد، واتبعت الكلاب ظبيا، وأمعن في الطلب، واقتحم الظبي باب خربة، ومرت الكلاب، واقتحم به الفرس في أثره، فصدمه باب الخربة، وحمل إلى مضاربه، فتوفي لثمان بقين من المحرم سنة 169، وهو ابن ثمان وأربعين.
وحكي أنه أصبح ذات يوم، فقال لعلي بن يقطين، ولجماعة جلسائه:
أصبحت اليوم جائعا، فأتي بخبز ولحم بارد، فأكله وأكل القوم معه، ثم قال:
إني داخل هذا البهو فنائم فيه، فلا تنبهوني حتى أنتبه! فدخل فنام، ونام القوم في الرواق، فما راعهم إلا بكاؤه، فتبادروا إليه، وسألوه عن حاله،