وفي الحقيقة: يتكون من علمين مستقلين. قال ابن البيع: (وهما في الأصل نوعان، كل نوع منهما علم برأسه وهو ثمرة هذا العلم والمرقاة الكبيرة منه) والعلمان المشار إليهما هما: علم الجرح وعلم التعديل، أي: طعن الرواة الذين لا تثبت عدالتهم أو توثيق العدول منهم حتى لا يلتبس أمرهم على من يحتج بحديث العدول. ويضع الضعفاء وما حدثوا به في منازلهم لتسلم السنة النبوية من الوضع والغلط والنسيان خالصة من شوائب الزيغ والتحريف وقد هيأ الله لهذا العلم رجالا صدقوا ما عاهدوا الله عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم: (يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين) وقال عبدة بن سليمان: (قيل لابن المبارك، هذه الأحاديث المصنوعة؟
قال: يعيش لها الجهابذة) والمراد بالجهابذة: العدول من كل خلف الذين أخبر بهم النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث السالف الذكر. ونقاد الحديث صحيحه من سقيمه، وتمييز كل منهما تمييزا معتمدا يعتد به 1) الجرح:
الجرح بضم الجيم لغة: يكون في الأبدان بالحديد ونحوه، وبالفتح يكون باللسان في المعاني والاغراض وما أشبه ذلك (وجرحه بلسانه جرحا: عابه وتنقصه، ومنه جرحت الشاهد إذا أظهرت فيه ما ترد به شهادته، وجرح واجترح: عمل بيده واكتسب)