البغدادي، والمزي والذهبي، وابن حجر العسقلاني، ولكن، بنظرة فاحصة نستخلص منه قواعد جليلة حسنة في هذا المضمار ابتداه بمقدمة فنية في علم الجرح والتعديل، وضمنه ألفا وخمسمائة وستة وتسعين ترجمة، أصبح مستوعبا لمعظم أقوال السابقين قلبه، ومصدرا مؤثرا في اللاحقين بعده، أخذ عصارة ثقافة علماء الحديث شرقا وغربا، وأعطى بسخاء لمن جاء بعده من أئمة المحدثين في العالم الاسلامي ولم يكن اجترارا لما كتبه ابن عدي، أو تكرارا لما الفه الكلاباذي، بل كان له طابعة الخاص، يتسم بالتحقيق والتدقيق، وتبيين الأوهام وموطن الخلل عند العلماء في بعض الترجم المشتبهة، فيزيل اللبس، ويبين ما يراه صوابا، ويظهر عليه اثر التجديد والابتكار في حذف الأسانيد التفصيلية للنصوص في معظم أجزاء الكتاب التي تطيله دون اهمالها في أوله جملة، مكتفيا بذكر بعض مصادره عن شيوخه إلى مؤلفيها قائلا:
(وأسانيد ما ذكرت، ولم يعدها الا نادرا مشيرا في مواضع قليلة إلى بعضها بما نصه: (حدثنا محمد بن علي بن محمود الأندلسي وكان ثقة...). وغفل بعضها واجتهد إن يستوعب جميع الرجال والنساء الذين روي عنهم في الجامع الصحيح، وأسقط بعض الأسماء الذين ذكرهم ابن عدي، وأضاف غيرهم، ولم ينقص مما أورده الكلاباذي، بل زاد عليه حوالي ستين ترجمة تبعا لابن عدي، والدار قطني، وابن البيع، أو هما معا. أو من تعليقات البخاري. ملمحا أحيانا إلى الأسماء المضافة بقوله: (ذكره)، أو (ذكرها) أبو عبد الله، أو (أبو الحسن) أو (ابن عدي)، (ولم أر له في الكتاب ذكرا)، (ولم يذكره الكلاباذي (ولم أر لمحمد بن سليم في الكتاب ذكرا على وجه الاخراج).