بسم الله الرحمن الرحيم خطبة الكتاب وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم قال الشيخ الحافظ أبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني رحمه الله: الحمد لله الأحد الصمد الذي ليس كمثله شئ وهو السميع البصير، أحمده حمد من أقر بربوبيته وأذعن لعظمته، أحاط بالأشياء علما، وأحصى كل شئ عددا، خالق الخلق ومدبر الأمر، منزل القرآن العظيم على نبيه محمد صلى الله عليه اصطفاه وارتضاه وختم به الرسل، وقرن طاعته بطاعته إذ يقول عز وجل في محكم كتابه:
﴿أطيعوا الله وأطيعوا الرسول﴾ (1).
وقال عز وجل: (من يطع الرسول فقد أطاع الله) (2). فبلغ ما أمر به، فكما أوجب الله علينا طاعته أوجب علينا الاقتداء به، واتباع آثاره وسبر رواية أخباره لعرفان صحيحها من سقيمها وقويها من ضعيفها، والله عز وجل يقول: (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) (3) وقد تحرج قوم من أصحابه صلى الله عليه وسلم من الرواية عنه خوفا من الزيادة والنقصان فيما سمعوا منه لئلا يكونوا داخلين في قوله عليه السلام:
[من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار] (4). استحقاق العقوبة لمن رام الكذب عليه ليضل به، وذم من يتقول عليه ما لم يقله، وقد أقام الله عز وجل قوما من صحابة نبينا صلى الله عليه وسلم والتابعين بعدهم وتابعي التابعين وإلى يومنا هذا من يبين أحوالهم وينبه على الضعفاء منهم ويعتبر رواياتهم تعرف بذلك صحيح الاخبار من سقيمها حسبة منهم في ذلك، وحذرا أن لا يكونوا ممن قال صلى الله عليه وسلم: [من حدث بحديث وهو يرى أنه كذب، فهو أحد الكاذبين] (5). وهم في المرتبة التي يسمع ذلك منهم ويقبل قولهم فيهم لمعرفتهم بهم، إذ هو علم يدق ولا يحسنه إلا من فهمه الله ذلك.
وأنا ذاكر أساميهم ومبين فيهم الوجه الذي استحقوا به قبول قولهم في رواة الاخبار. وذاكر في