سماء المقال في علم الرجال - أبو الهدى الكلباسي - ج ١ - الصفحة ٤٥
المبحث الثالث في اعتبار تضعيفاته وعدمه (1)
(1) قد ذكر في الرواشح من أقسام الحديث المقلوب، قال: وهو يقع تارة في السند وأخرى في المتن.
أما الأول: فكما لو ورد حديث بطريق، فيقلب الطريق طريقا آخر غيره، إما لمجموعه، أو ببعض رجاله خاصة، وإما بالأبدال بأجود منه وأثبت منه، ليكون مرغوبا فيه كإبدال ابن الغضائري مثله وهو أحمد بن الحسين بأبيه الحسين بن عبيد الله، وهما جميعا ثقتان ثبتان، ولكن الحسين أوجه وأوثق وأضبط وأثبت.
أو بالقلب سهوا كحديث رواه محمد بن أحمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن عيسى.
ومثله محمد بن أحمد بن يحيى، عن أبيه أحمد بن محمد بن يحيى، عن محمد بن يحيى.
فينقلب الاسم وكثيرا ما يتفق ذلك في أسناد التهذيب.
وأما الثاني: فكما في حديث السبعة الذين يظلهم الله في عرشه، وفيه رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا يعلم يمينه ما ينفق شماله، فهذا مما انقلب على بعض الرواة، وإنما أصله حتى لاتعلم شماله ما ينفق بيمينه كما هو الوارد في الأصول المعتبرة.
أقول: إن كان الغرض من القلب، وقوعه على وجه التعمد، فلا ينبغي وقوعه بوجه، سواء كان في المجموع، أو في البعض، أو بالأبدال، كما هو ظاهر.
وإن كان الغرض وقوعه على وجه السهو كما هو الغالب، فلا مجال لذكر إبدال ابن الغضائري بأبيه لما ذكر.
ومن عجيب ما ذكره فيه، أنه ذكر أنه ربما يتفق هذا القلب لامتحان بعضهم بعضا في الحفظ والضبط.
قال الطيبي: وكذلك ما روينا أن البخاري قدم بغداد فاجتمع قوم من أصحاب الحديث وعمدوا إلى مائة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها وجعلوا متن هذا الأسناد لأسناد آخر وإسناد هذا المتن، لمتن آخر، ثم حضروا مجلسه وألقوها عليه، فلما فرغوا من إلقائها، التفت إليهم فرد كل متن إلى إسناده وكل إسناد إلى متنه، فأذعنوا له بالفضل. (منه رحمه الله)