حتى أهين وضرب وعذب وحبس وقتل صبرا على يد الفاجر اللعين.
وهذه جملة كافية في حسن حاله وجميل عاقبته ودخوله في أنصار الحسين - عليه السلام - وشيعته المستشهدين في سبيله. وناهيك بقوله لابن زياد - في بعضها -: " فإنه قد جاء من هو أحق من حقك وحق صاحبك " وقوله " لو كانت رجلي على طفل من أطفال آل محمد (ص) ما رفعتها حتى تقطع " ونحو ذلك مما مضى من كلامه مما يدل على أن ما فعله قد كان عن بصيرة دينية، لاعن مجرد الحمية وحفظ الذمام ورعاية حق الضيف والجار.
ويؤكد ذلك ويحققه: قول الحسين - عليه السلام - لما بلغه قتله وقتل مسلم " رحمة الله عليهما " وتكرار ذلك مرارا متعددة، وقوله - عليه السلام -: " قد أتانا خبر فظيع قتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة وعبد الله بن يقطر " وما رواه السيد ابن طاووس في (كتاب الملهوف على قتلى الطفوف): " أنه لما أتاه خبر عبد الله بن يقطر - وذلك بعدما أخبر بقتل مسلم وهاني - استعبر باكيا، ثم قال: " اللهم اجعل لنا ولشيعتنا منزلا كريما، واجمع بيننا وبينهم في مستقر من رحمتك إنك على كل شئ قدير (1) ".
وقد ذكر أصحابنا - رضوان الله عليهم - لهاني بن عروة زيارة يزار بها - إلى الآن - صريحة في أنه من الشهداء السعداء الذين نصحوا لله ولرسوله، ومضوا في سبيل الله برحمة منه ورضوانه، وهي هذه:
" سلام الله العظيم وصلواته عليك يا هاني بن عروة، السلام عليك أيها العبد الصالح الناصح لله ولرسوله ولأمير المؤمنين والحسن والحسين (عليهم السلام) أشهد أنك قتلت مظلوما، فلعن الله من قتلك، واستحل