ثم قال معاوية بعد أيام للوفد: ارفعوا حوائجكم وهاني فيهم، فعرض عليه كتابه فيه ذكر حوائجه، فقال: يا هاني ما صنعت شيئا زد. فلم يدع حاجة عرضت له إلا وذكرها، ثم عرض عليه الكتاب فقال أراك قصرت فيما طلبت، فقام هاني - ولم يدع حاجة لقومه ولا لأهل مصره إلا ذكرها، ثم عرض عليه الكتاب، فقال: ما صنعت شيئا، زد، فقال:
يا أمير المؤمنين، حاجة بقيت، فقال: ما هي؟ فقال: أتولى أخذ البيعة ليزيد بن أمير المؤمنين بالعراق، قال: افعل، فما زلت لمثل ذلك أهلا فلما قدم هاني العراق قام بامر البيعة ليزيد بن معاوية بمعونة من المغيرة بن شعبة، وهو الوالي بالعراق - يومئذ -.
وأما الحكاية الثانية، فقد قال: كان مال حمل اليمن إلى معاوية فلما مر بالمدينة وثب عليه الحسين بن علي - عليه السلام - فاخذه، فقسمه في أهله ومواليه، وكتب إلى معاوية:
(من الحسين بن علي إلى معاوية بن أبي سفيان. أما بعد، فان عيرا مرت بنا من اليمن تحمل مالا وحللا وعنبرا وطيبا إليك لتودعها خزائن دمشق وتعل بها بعد النهل بيني أبيك واني احتجت إليها فاخذتها والسلام) فكتب إليه معاوية: (من عبد الله معاوية أمير المؤمنين إلى الحسين ابن علي، سلام عليك اما بعد، فان كتابك ورد علي تذكر أن عيرا مرت بك من اليمن تحمل مالا وحللا وعنبرا وطيبا إلي، لأودعها خزائن دمشق واعل بها بعد النهل (1) ببني أبي - وانك احتجت إليها فاخذتها، ولم تكن جديرا باخذها إذ نسبتها إلي، لان الوالي أحق بالمال، ثم عليه المخرج منه. وأيم الله لو تركت ذلك حتى صار إلي لم أبخسك حظك منه ولكن قد ظننت - يا ابن أخي - أن في رأسك نزوة وبودي أن يكون