هاني - وهو شيخ المصر وسيده ووجه الشيعة - على شئ من أمره في تلك المدة حتى دخل عليه بغتة وفاجأه باللقاء مرة.
ومن ذلك يعلم ما في (روضة الصفا) و (حبيب السير) من قوله:
" لقد أوقعتني في عناء وتكليف، ولولا انك دخلت داري لرددتك " (1) مع أني لم أجد ذلك إلا في هذا الموضع، وسائر الكتب المعتبرة خالية عنه.
وقد ذكر ابن أبي الحديد في (شرح النهج) في هاني بن عروة روايتين تدل إحداهما على مدحه، والأخرى على الطعن فيه.
أما رواية المدح، فقد أوردها - عند قول أمير المؤمنين - عليه السلام - " والله إني لأول من صدقه فلا أكون أول من كذب عليه " قال:
" روى محمد بن موسى العنزي، قال: كان مالك بن ضمرة الرؤاسي من أصحاب علي - عليه السلام - وممن استبطن من جهته علما كثيرا، وكان أيضا ممن قد صحب أبا ذر - رحمه الله - وأخذ من علمه، وكان يقول في أيام بني أمية: اللهم لا تجعلني أشقى الثلاثة، فيقال له: وما الثلاثة؟
فقال: رجل يرمى به من فوق طمار، ورجل تقطع يداه ورجلاه ولسانه ويصلب، ورجل يموت على فراشه فكان من الناس من يهزأ به ويقول:
هذا من أكاذيب أبي تراب - قال -: وكان الذي رمى به من طمار:
هاني بن عروة، والذي قطع وصلب رشيد الهجري، ومات مالك - أي مات حتف أنفه - على فراشه " (2) ولم يدرك الشهادة، وقد كان يتمناها ويدعو أن لا يكون أشقى الثلاثة وفاز بها رشيد، وهاني.