واختلافه إليه فيمن اختلف من أعيانها واشرافها حتى لجا إليه مسلم بن عقيل - فلا يقتضي طعنا فيه، لان أمر مسلم كان مبنيا على التستر والاستخفاء، وكان هاني رجلا مشهورا يعرفه ابن زياد ويصادقه، فكان انزواؤه عنه يحقق عليه الخلاف، وهو خلاف ما كانوا عليه من التستر فلذا لزمه الاختلاف إليه دفعا للوهم، فلما لجا إليه مسلم انقطع عليه خوفا وتمارض حتى يكون المرض عذرا، فجاءه من الامر ما لم يكن في حسابه.
وأما نهيه (مسلم) عن التعجيل في الخروج، فلعله رأى أن المصلحة في التأخير حتى يتكاثر الناس وتكمل البيعة ويصل الحسين - عليه السلام - إلى الكوفة، ويتهيأ لهم الامر بسهولة، ويكون قتالهم مع الامام - عليه السلام - مرة واحدة.
وأما منعه من قتل ابن زياد في داره، فقد عرفت اختلاف الاخبار في ذلك، وفي بعضها: أنه هو الذي أشار بقتله وتمارض لابن زياد حتى يأتيه عائدا، فيقتله (مسلم) وقد مضى اعتذار مسلم - تارة - بتعلق المرأة به وبكائها في وجهه ومناشدتها في ترك ما هم به، وأخرى بحديث الفتك وهذا هو المشهور عنه.
وقد ذكره السيد المرتضى في (تنزيه الأنبياء) مقتصرا عليه (1).
وأما قوله لابن زياد - وقد سأله عن مسلم -: " والله ما دعوته إلى منزلي ولا علمت بشئ من أمره، حتى جاءني يسألني النزول، فاستحييت من رده، وداخلني من ذلك ذمام " (2) فقد قال ذلك لابن زياد يريد التخلص منه، ومن البعيد أن يأتيه مسلم على غير ميعاد ولا استباق ويدخل في أمانه، وهو لا يدري به، ولم يعرفه ولم يختبره، وكذا عدم اطلاع