على ذلك فمختلف فيه، وذكروا ما رويناه من طريق يونس بن عبيد أن الحسن البصري قال: دية اليهودي والنصراني ثمانمائة درهم. وقال بهذا المقدار في دية المجوسي خاصة مالك والشافعي. ورووه عن عثمان رضي الله عنه.
واحتج من أوجب في ذلك نصف الدية بروايات عن بعض الصحابة، وآثار من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وهي صحيفة لا تصح، وقد اختلف الصحابة في هذا فبطل هذا القول، واحتج من أوجب في ذلك ثلث الدية وهم الشافعي وأصحابه، بأن رووا ذلك عن بعض الصحابة، وقد قلنا إن الصحابة مختلفون في ذلك، فليس بعضهم في ذلك حجة دون بعض.
واحتج في ذلك بعض أصحاب الشافعي بأن ادعى أنه أقل ما قيل، وهذا باطل لما أوردناه من قول الحسن آنفا، وقال بعضهم - ممن يعرف الاختلاف:
لم نقل ذلك لشئ من هذا كله لكن لقوله تعالى: * (أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون) *؟. فوجب ألا يساوى به المسلم ولا المسلمة، فوجب حطه إلى ثلث الدية.
وقال أبو محمد: وهذا احتجاج فاسد البتة، لأنهم يساوون بينهما في أنه إن غصب المسلم مال ذمي أن يغرمه الذمي ما غصب، وفي قطعهما في السرقة، ويحلف كل واحد منهما للآخر في الدعوى.
وأيضا فقد جعلوا دية الذمي أكثر من دية يد المسلمة ومن دية عينها، وساووه بمأمومة الحر المسلم، ولا شك في أن حرمة شعرة من مسلم أعظم من حرمة كل ذمي في الأرض، فكيف عضو من أعضاء المسلم، ونجدهم قد فضلوا على المسلم في بعض المواضع، فقالوا: لا يقتل الكافر الحر إذا قتل عبدا مسلما، فجعلوه ههنا أعظم حرمة من المسلم، وهذا قول سوء تقشعر منه الجلود. ويلزمهم على هذا أن أبا جهل وأبا لهب كانا أعظم حرمة من زيد بن حارثة وبلال بعد إسلامهما، وقبل عتقهما، ومعاذ الله من هذا.
وإنما يجب استعمال قوله عز وجل: * (أعنده علم الغيب فهو يرى) * في أن لا يساوى بينهما في القود أصلا، وأما في الحقوق الواجبة فيما دون الأجسام والكرامة والحرمة فليس التساوي فيها تساويا في القدر، لأنه لا خلاف بين أحد من أن أحكام الأموال يستوي فيها أبو بكر والصحابة وأهل الذمة، وبالله