باب الشهادة التي لا يقبل فيها إلا اثنان، أو واحد مع يمين الطالب، فلو كان مع هذا المقدار الزائد آخر عدل يشهد بتلك الزيادة لاخذنا بها، وإن كان ذلك فيما يؤخذ فيه باليمين مع الشاهد حلف المشهود له مع ذلك المقدر الزائد، واستحق الزيادة، وبالله تعالى التوفيق.
قال أبو محمد: والذي نقول به، وبالله تعالى التوفيق: إن الله تعالى قال: (ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم) * ثم أوجب تعالى الدية في قتل المؤمن خطأ فهي لازمة للمؤمن والذمي بعموم الخطاب، ولزوم الدين، لكل إنسي وجني، ولم يأت نص بإيجاب دية لذمي إن قتل خطأ فهو معفو عنه جملة أصابه مسلم أو ذمي. وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين، وإما أن يودى وإما أن يقاد أو كلام هذا معناه. وصح أنه عليه السلام قال: لا يقتل مسلم بكافر فصح أن الدية لا تجب في العمد إلا حيث يجب التخيير فيها بين الدية وبين القود. وليس ذلك في قتل المسلم الذمي أصلا، فبطل أن يكون على المسلم دية في الذمي لا في عمد ولا في خطأ، فإن قتل الذمي ذميا فهو داخل في هذا الخطاب، والقود بينهما، أو الدية، وليس إلا أحد القولين إما ما اتفق على وجوبه كما قال الحسن، وإما الدية التي قضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسلم، فنظرنا في قول الحسن فوجدناه لا ينسند أصلا ولا وجه له فسقط. ولا ندري أيضا هل أجمع على مقدار ذلك أو لا؟ بل لعل من العلماء من قال لا دية لذمي أصلا، ولعل في العلماء من يقول بأقل مما قال الحسن، فسقط هذا القول، ووجدنا الله يقول: * (وأن احكم بينهم بما أنزل الله " فصح أن دية الذمي على الذمي كدية المسلم على المسلم، ولسنا في ذلك جاعلين لهم كالمسلمين حاشا لله من ذلك نحكم بينهم بالحكم بين المسلمين. كما أمر الله تعالى، ونحن وهم نقتل الذمي بالذمي، كما نقتله بالمسلم، وليس هذا مساواة المسلم بالمجرم وبالله تعالى حسبنا.
الله ونعم الوكيل