سواء، لأنهم كلهم حينئذ مبطلون يلزمهم قبول رواية ذلك الواحد، الحق أكثر من كل من خالفه، وأولى أن يتبع. قال الله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) * فعم تعالى ولم يخص، وقال تعالى: * (لا تكلف إلا نفسك) *.
فإن قال قائل: فما تقولون في شاهدين شهد أحدهما لزيد على عمرو بدينار، وشهد له الآخر عليه بدينارين. أتقولون بأقل ما اتفقنا عليه؟.
قال أبو محمد: هذا قد قام البرهان من النص على وجوب القضاء له بالدينار بشهادتهما، ومن نص آخر ثان يقضي له بالدينار الباقي إن حلف المدعى له ما شاهده، فهذا من باب ما قام الدليل على وجوب الحكم بالزيادة فيه، وقد قال بعض من خالفنا: إن القائل بما أخذتم به، من أقل ما قيل لم يقل به، لأنه أقل ما قيل، وإنما قال به لدليل ما أوجبه عنده، فقولوا بدليله حتى نناظركم عليه.
قال أبو محمد: فيقال من قال بهذا، وبالله تعالى التوفيق: إنا لا نتعنى باستدلال المستدلين، لأنه قد يستدل المرء بدليل غير واجب، فيخرجه البحث إلى قول صحيح كما عرض لابن مسعود، إذ سئل عن امرأة توفي عنها زوجها قبل أن يدخل بها وقبل أن يفرض لها صداقا، فقال: بعد شهر أقول فيها برأيي، فإن كان صوابا فمن الله تعالى، وإن كان خطأ فالله ورسوله بريئان، ثم أفتى بما وافق الحق من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم دون أن يكون علمه. فنحن لا نبالي باستدلال ابن مسعود بل لا نقول به أصلا، لكنا نقول بما أخرجه إليه السعد، لأنه وافق قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا وجدنا القائل قد أوجب مقدارا ما، ووافقه على إيجابه جميع العلماء أولهم عن آخرهم، فقد أوجب الله تعالى علينا اتباع الاجماع وأن لا نخالف سبيل المؤمنين وأولي الامر منا. ولا نبالي باستدلاله في ذلك، إذ لم يأمر الله تعالى باتباع استدلال الواحد أو الطائفة من العلماء، وإنما أمرنا تعالى باتباع ما اتفقوا عليه، وترك ما تنازعوا فيه حتى نرده فنحكم فيه القرآن والسنة، فقد فعلنا ذلك، فأخذنا بما أجمعوا عليه وهو أقل ما قيل: لقوله تعالى: * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم) * فلا يحل لمسلم خلاف هذا، وكلفنا من زاد على ذلك المقدار زيادة يتورع فيها أن يأتي ببرهان من النص إن