ذمته، ولا بد من قتله وأخذ ماله كله، ولا رأي في ذلك لولي المقتول ولا دية، وحديث عبد الله بن سهل ثابت العمل، وليس فيه ذكر أن الدية التي ذكر عليه السلام كانت في عمد، إذ قد يقتلونه خطأ، ولا في قوله عليه السلام في ذلك الحديث: أتقسمون على رجل فيسلم برمته أنه لو أسلم لكان فيه لولي المقتول خيار، فلا يجوز التزيد في الحديث ما ليس فيه، وسورة براءة مبينة لاحكام أهل الذمة التي لا يجوز تعديها وهي ناسخة لكل ما كان قبلها.
وقد احتج بعض الموافقين لنا في هذا الفصل بأن قال: يقال لمن قال قد اتفق على وجوب حكم ما في هذه المسألة، فلا تبرأ من ذلك الحكم إلا بإجماع آخر على البراءة منه. قال فيقال له: لو شهد عدلان على أن زيدا غصب مالا من عمرو، ولم يثبت قدر ذلك المال، للزم على قولكم أن يقال للمشهود عليه قد ثبت عليك حق فلا تبرأ حتى يقر المغصوب منه ببرأتك من كل حق له عندك. فلما أجمع الناس بلا خلاف، على أنه لا يقال لذلك. لكن يقال له قد ثبت قبلك حق ما فأقر بما شئت، واحلف على ما أنكرت، ولا يلزمك غير ذلك، صح قولنا بأقل ما قيل، وبطل اعتراضكم وبالله تعالى التوفيق.
واحتج أيضا بأن قال - من الدليل على الاخذ بأقل ما قيل: إن شاهدين لو شهدا على زيد أنه سرق، وقال أحدهما: ربع دينار، وقال آخر: بل سدس دينار، فإنه يؤخذ بأقل ما اتفقا عليه فلا يقطع ولا يغرم إلا سدس دينار فقط.
قال أبو محمد: وهاتان حجتان تلزم أصحاب القياس، وليس مما نرضى أن نحتج به، وإنما اعتمادنا على البراهين الضرورية التي قدمنا وبالله تعالى نعتصم.
وقال هذا القائل أيضا: إن المقدرين إذا اختلفا في تقدير السلعة، فإننا نأخذ بما اتفقا عليه. قال: فإن قال لنا قائل: فلم تأخذون بالزيادة في الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ وتقولون عند هذا الزائد علم لم يكن عند من لم يأت بتلك الزيادة.
فهلا قلتم وعند هذا المقدار الزائد علم زائد بقيمة هذه السلعة فهلا أخذتم به؟.
قال أبو محمد: وهذا الذي اعترض به على القائل بما ذكرنا اعتراض فاسد، لكنا نقول الجواب عن هذا: أن تقدير المقدار ليس من باب الخبر في الدين، لان الخبر نقل عن مشاهدة يوجب حكما على الناس كلهم، وتقدير المقدار إنما هو من